التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

{ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا( 1 ) فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ( 18 ) } .

( 1 ) أشراطها : علاماتها ، والكلمة جمع شرط بمعنى العلامة والأمارة

في الآية : سؤال استنكاري عما إذا كان الذين هم موضوع الكلام السابق أي الكافرين أو الكافرين والمنافقين . ينتظرون قيام الساعة حتى يخافوا ويؤمنوا مع أنها لا تأتي إلا بغتة ، وقد جاءت أشراطها وحينما تأتي لا ينفعهم التذكر والارعواء .

تعليق على الآية :

{ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها . . . }الخ .

والآية متصلة بالسياق كما هو المتبادر ، وقد أورد المفسرون قولا لابن عباس{[1905]}جاء فيه : إن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ومعالمها . وحديثا رواه الشيخان والترمذي أيضا ما جاء فيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعثت أنا والساعة هكذا ، ويشير بأصبعيه فيمدهما ، وفي رواية أنه ضم السبابة والوسطى بقصد بيان تقارب بعثته وقيام الساعة{[1906]} .

ولقد أوردوا بالإضافة إلى ذلك أحاديث أخرى عن أشراط الساعة منها حديث عن أنس رواه قرب وفاته { ألا أحدثكم حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم به أحد غيري سمعت رسول الله يقول : لا تقوم الساعة أو قال : من أشراط الساعة : أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويفشو الزنا ويذهب الرجال ويبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد ) {[1907]} وثان عن أبي هريرة جاء فيه ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة أن يتقارب الزمان وينقص العلم وتظهر الفتن ويبقى الشح ويكثر الهرج قالوا : وما الهرج ؟ قال : القتل ) {[1908]} وثالث عن أبي هريرة جاء فيه ( أن أعرابيا جاء إلى النبي فقال له متى الساعة وكان يتكلم فمضى حتى أتم كلامه ، ثم سأل عن السائل ، فقال : هاأنا ذا يا رسول الله ، فقال : إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة . قال وكيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة{[1909]} ولما كان ما جاء في هذه الأحاديث لم يكن قد تحقق حين نزول الآية ، فالأولى أن يكون هدفها على ضوء قول ابن عباس والحديث النبوي الأول ما هو متحقق من الأشراط حين نزولها ، وهو بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .

وعلى كل حال فإن الآية بسبيل التنديد بالمنافقين والكافرين لارتكاسهم في الضلال والغواية وعدم استجابتهم إلى دعوة الله قبل فوات الفرصة ؛ لأنها إذا فاتتهم ندموا حيث لا ينفع الندم ، وبعبارة أخرى بسبيل الحث على الارعواء والاستجابة بدون إبطاء وإضاعة وقت . وهذا المعنى قد تكرر في آيات كثيرة مرت أمثلة عديدة منها لنفس الغاية والهدف .


[1905]:انظر تفسير الآيات البغوي والخازن وابن كثير. والنصوص منقولة من الخازن، وهناك أحاديث عديدة أخرى واردة في كتب الأحاديث الصحيحة منها ما يقارب بعض هذه النصوص في علامات الساعة لم نر إيرادها؛ لأن الآية مصبوبة على ما جاء من أشراطها انظر إذا شئت التاج ج 5 ص 273 وما بعدها.
[1906]:المصدر السابق نفسه
[1907]:المصدر نفسه
[1908]:المصدر نفسه
[1909]:المصدر نفسه