التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ ( 1 ) وَمَثْوَاكُمْ ( 2 ) ( 19 ) }

( 1 ) : متقلبكم وحركاتكم

( 2 ) : مثواكم وسكناتكم

عبارة الآية واضحة وفيها التفات إلى النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعقيب على الآيات السابقة كأنما أريد أن يقال له فيها والله أعلم بقصد التسلية والتثبيت : إنه لا ينبغي أن يغتم كثيرا لتصامم أولئك الكفار والمنافقين عن الدعوة واندفاعهم في الغواية والضلال ، فالله كاف لهم وليس عليه إلا الاستمرار في توحيد الله والدعوة إليه والتقرب إليه بالعبادة وطلب الغفران لذنبه وذنوب المؤمنين والمؤمنات . والله هو العليم بجميع حركاتهم وسكناتهم وحلهم وترحالهم وبيده مصائرهم .

ومثل هذه الآية كثير في مقام التعقيب والتطمين في مثل هذه المواقف مما مر منه أمثلة عديدة .

ومقطع { واستغفر لذنبك } ورد لأول مرة في سورة غافر وعلقنا عليه بما يغنى عن التكرار ، وأما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار للمؤمنين والمؤمنات فإنه يأتي لأول مرة بصيغته . وقد قال البغوي : إن فيه إكراما للمؤمنين والمؤمنات ؛ لأن النبي هو الشفيع المجاب فيهم . وهذا تأويل وجيه . وقد يصح أن يضاف إليه : أن الجملة جميعها تتضمن تلقينا بأن على النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب دائما من الله تعالى الغفران لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات ، حتى يظلوا قيد رحمته وهو يعرف كل ما يكون منهم في مختلف ظروفهم ويعرف أنهم بطبيعتهم البشرية لا يمكن أن يخلوا من هفوات ومواقف تقتضي الاعتذار منها إليه . ثم تطمينا بأن الله تعالى وقد شاءت حكمة التنزيل أن يأمر نبيه بالاستغفار لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات قد شاءت حكمته كذلك الاستجابة لهذا الاستغفار وغدو الجميع قيد رحمته . وقد يدعم هذا ما رويناه في سياق أواخر سورة البقرة ، من حديث يفيد أن الله عز وجل حينما أوحى

بالآيات التي فيها تعليم للمؤمنين بما يدعونه به أوحى إلى النبي بواسطة ملك الله أنه قد استجاب إليهم . والله تعالى أعلم .