جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞وَمَآ أُبَرِّئُ نَفۡسِيٓۚ إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (53)

{ وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي } عن السلف أنه لما قال : ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال له جبريل : ولا حين هممت{[2422]} فقال ذلك ، { إِنَّ النَّفْسَ } : بطبعها ، { لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ } إلا وقت رحمة ربي ، أو إلا ما رحمه الله من النفوس فعصمه ، { إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قال بعضهم : قوله : " ذلك ليعلم " الخ من كلام امرأة العزيز أي : اعترفت بما هو الواقع ليعلم زوجي أني لم أخنه وما صدر مني المحذور الأكبر وإنما راودته مراودة فامتنع ولست أبرىء نفسي فإن النفس تتمنى وتشتهي ولذلك راودته : لأنها أمارة بالسوء إلا نفس من عصمه الله تعالى إنه غفور حليم وعند بعض المفسرين إن القول أليق{[2423]} وأقرب .


[2422]:أراد أن الأليق بشأن النبوة الاجتناب عن الهم وإن كان غير محظور فأجاب "وما أبرىء"/12 وجيز من مصنف جامع البيان.
[2423]:لأن الظاهر أن قوله: "ذلك ليعلم" من كلام امرأة العزيز داخل تحت قالت تعني اعترفت بالحق، ليعلم يوسف أنى لم أخنه في غيبته ولم أرمه بالبهتان الذي رميته به خوفا وحياء من بعلي ثم اعتذرت عما وقعت فيه من الميل والشهوة بقولها: "و ما أبرىء نفسي" فإن النفس تتمنى و تشتهى ولذلك راودته لأنها أمارة بالسوء إلا نفس من عصمه الله إنه غفور للمذنب رحيم ومن ذهب إلى أن قوله: "ذلك ليعلم" من كلام يوسف يحتاج إلى تكلف ربط بينه وبين ما قبله ولا قرينة على أنه من كلام يوسف إذ لم يكن يوسف حاضرا وقت سؤال الملك وإقرار امرأة العزيز/12 وجيز.