أتبع ذلك قوله : { وما أبرىء نفسي إن النفس } أي هذا الجنس { لأمارة بالسوء } ميالة إلى القبائح راغبة في المعاصي . وفيه أن ترك تلك الخيانة ما كان حظ النفس وشربها ولكن كان بتوفيق الله تعالى وتسهيله وصرفه { إلا ما رحم ربي } إلا البعض الذي رحمه ربي بالعصمة كالملائكة ، أو المراد أنها أمارة بالسوء في كل وقت وأوان إلا وقت رحمة ربي ، أو الاستثناء منقطع أي ولكن رحمة ربي هي التي تصرف الإساءة . القول الثاني أنه حكاية قول المرأة لأن يوسف عليه السلام ما كان حاضراً في ذلك المجلس والمعنى ، وإن كنت أحلت عليه الذنب عند حضوره ولكني ما أحلته عليه في غيبته حين كان في السجن . { وأن الله لا يهدي } فيه تعريض فأنها لما أقدمت على المكر فلا جرم افتضحت ، وأنه لما كان بريئاً من الذنب لا جرم طهره الله منه { وما أبرىء نفسي } من الخيانة مطلقاً فإني قد خنته حين قلت { ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً } أو حين أودعته السجن . ثم إنها اعتذرت عما كان منها فقالت : { إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي } كنفس يوسف { إن ربي غفور رحيم } أو استغفرت ربها واسترحمته مما ارتكبت . قال المحققون : النفس الإنسانية شيء واحد فإذا مالت إلى العالم العلوي كانت مطمئنة ، وإذا مالت إلى العالم السفلي وإلى الشهوة والغضب سميت أمارة ، وهذا في أغلب أحوالها لإلفها إلى العالم الحسي وقرارها فيه ، فلا جرم إذا خليت وطباعها انجذبت إلى هذه الحالة فلهذا قيل : إنها من حيث هي أمارة بالسوء . وإذا كانت منجذبة مرة إلى العالم العلوي ومرة إلى العالم السفلي سميت لوامة . ومنهم من زعم أن النفس المطمئنة هي الناطقة العلوية ، والنفس الأمارة منطبعة في البدن تحمله على الشهوة والغضب وسائر الأخلاق الرذيلة . وتمسكت الأشاعرة بقوله : { إلا ما رحم } ظاهراً لأنه دل على أن صرف النفس عن السوء بخلق الله وتكوينه . وحملته المعتزلة على منح الألطاف والله أعلم بالحقائق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.