تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَمَآ أُبَرِّئُ نَفۡسِيٓۚ إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (53)

ومعنى قوله تعالى : ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي ) أي عصم ربي ، والله أعلم أنه إنما[ في الأصل وم : لما ] قال : ( ذلك أني لم أخنه بالغيب ) لما عصمني الله عن ذلك ، ولو لم يكن عصمني لكنت خنته[ في الأصل وم : أخونه ] : ( إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي أي ما عصم ربي ؛ لأن النفس جبلت ، وطبعت على الميل إلى الشهوات واللذات والهوي فيها والرغبة والتوقي عن المكروهات والشدائد .

ألا ترى أنه قال : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى )[ النازعات : 40و41 ] [ وقال ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( فأما من طغى ) ( وآثر الحياة الدنيا ) ( فإن الجحيم هي المأوى )[ النازعات : 37و38و39 ] فأثبت[ الفاء ساقطة من الأصل وم ] للنفس الهوى وإيثار الحياة الدنيا وشهواتها ؟

هذا يدل أن قوله : ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه )[ الآية : 33 ] هو محبة الاختيار والإيثار في الدين لا ما تختار النفس ، وتؤثر ؛ أبدا تختار ، وتؤثر ما هو ألذ وأشهى ، وتنفر عن الشدائد والمكروهات ، على هذا طبعت وجبلت .

وقوله تعالى : ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) أي لا يجعل فعل الكيد والخيانة هدى ورشدا ، إنما يجعل فعل الكيد والخيانة ضلالا وغواية .