جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَۖ وَمِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ مَن يُنكِرُ بَعۡضَهُۥۚ قُلۡ إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَآ أُشۡرِكَ بِهِۦٓۚ إِلَيۡهِ أَدۡعُواْ وَإِلَيۡهِ مَـَٔابِ} (36)

{ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ } المراد مسلموا أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، { يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } : من القرآن لما في كتبهم من الشواهد على صدقه ، { وَمِنَ الأَحْزَابِ } أي : ومن أحزاب اليهود والنصارى ، { مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } أي : ما يخالف كتبهم أو رأيهم ، قال بعضهم : هذا في مؤمني أهل الكتاب حزنوا بقلة ذكر لفظ الرحمن في القرآن مع كثرة ذكره في التوراة فلما نزل " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن " ( الإسراء :110 ) ، فرحوا و كفر المشركون به فقالوا : وما الرحمن ، { قُلْ } : لهم ، { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُد{[2536]} اللّهَ } : وحده ، { وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو } : لا إلى غيره ، { وَإِلَيْهِ } : لا إلى غيره ، { مَآبِ } : مرجعي للجزاء ، يعني قل لهم : هذا شغلي و أمري حتى يعلموا أن إنكارهم عبادة الله مع ادعائهم واتفاقهم وجوبها .


[2536]:قوله: "أن أعبد الله و لا أشرك به" هذا يدل على نفي الشركاء والأنداد والأضداد بالكلية ودخل فيه إبطال كل من أثبت معبودا سو ى الله ـ تعالى ـ سواء كان ذلك المعبود هو الشمس والقمر أو الكواكب، أو الأصنام والأوثان والأرواح العلوية أو يزدان من على ما يقوله المجوس أو النور والظلمة على ما يقوله الثنوية و كما يجب عبادة الله وحده فكذلك يجب الدعوة إلى عبودية الله وحده كما قال: "إليه أدعوا وإليه متاب" /12 مفاتيح الغيب المعروف بالكبير للإمام الرازي.