غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَۖ وَمِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ مَن يُنكِرُ بَعۡضَهُۥۚ قُلۡ إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَآ أُشۡرِكَ بِهِۦٓۚ إِلَيۡهِ أَدۡعُواْ وَإِلَيۡهِ مَـَٔابِ} (36)

30

ثم ذكر عقائد الفرق في شأن القرآن المتلو فقال : { والذين آتيناهم الكتاب } قيل : أراد بالكتاب القرآن يعني أن المسلمين { يفرحون بما أنزل إليك } من الشرائع والعلوم { ومن الأحزاب } الجماعات من اليهود والنصارى وغيرهم { من ينكر بعضه } لأنهم كانوا لا ينكرون الأقاصيص وبعض الأحكام المطابقة لشرائعهم وعقائدهم . وإنما أنكروا ما يختص به الإسلام من نعت الرسول وغيره قاله الحسن وقتادة . واعترض عليه بأن أهل الإسلام فرحهم بنزول القرآن معلوم فلا فائدة في ذكره . ويمكن أن يقال : المراد زيادة الفرح والاستبشار بما فيه من العلوم والفوائد وأنهم يتلقون نزول الوحي بالبشر والطلاقة لا بالتثاقل والجهالة . وقيل : الكتاب التوراة والإنجيل ، والمراد من أسلم من اليهود كعبد الله بن سلام وكعب ومن أسلم من النصارى وهم ثمانون رجلاً : أربعون بنجران ، واثنان وثلاثون بأرض الحبشة ، وثمانية من أهل اليمن ، فرحوا بالقرآن لأنهم آمنوا به وصدقوه ، والأحزاب بقية أهل الكتاب والمشركون قاله ابن عباس . وقال مجاهد : أراد أن اليهود والنصارى كلهم يفرحون بما أنزل إليك لأنه مصدق لما معهم ، ومن سائر الكفرة من ينكر بعضه . واعترض بأنهم كلهم لا يفرحون بكل ما أنزل رسولنا . وقوله : { بما أنزل } يفيد العموم . وأجيب بالمنع من أن ما يفيد العموم لصحة الاستثناء ولصحة إدخال كل عليه ولا تكرير وإدخال بعض ولا نقص . ثم لما بين عقائد الفرق أمر نبيه بأن يصرح بطريقته فقال : { قل إنما أمرت أن أعبد الله } ما أمرت إلا بعبادته وعدم الإشراك به ويندرج فيه جميع وظائف العبودية . ثم ذكر أنه مع كماله مكمل فقال : { إليه أدعو } خصه بالدعاء إلى عبوديته دون غيره كائناً من كان . ثم ختم بذكر المعاد فقال : { وإليه أدعو } لا مرجع لي إلا إليه . ومن تأمل في هذه الألفاظ عرف أنها مع قلتها مشتملة على حاصل علوم المبدأ والوسط والمعاد .

/خ43