جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{قَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنۡيَٰنَهُم مِّنَ ٱلۡقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّقۡفُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَأَتَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (26)

{ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ليهدموا ما أسس الله من بنيان دينه ، { فَأَتَى اللّهُ } أي : أمر الله تعالى ، { بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ } أي : من جهة أساطين ما بنوا عليه وخربت من أصله وأسه ، { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ{[2688]} مِن فَوْقِهِمْ } وصار سبب هلاكهم ، { وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } لا يتوقعون وهذا على سبيل التمثيل وعن ابن عباس{[2689]} رضي الله عنهما أن المراد به نمرود{[2690]} حين بنى الصرح ليصعد إلى السماء فهبت الريح وألقت رأسها في البحر وخر عليهم الباقي وهم تحته وكان طولها خمسة آلاف ذراع .


[2688]:والأظهر أن ذلك على سبيل التمثيل /12 منه.
[2689]:رواه ابن أبي حاتم عن مجاهد أيضا /12 منه.
[2690]:ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد به نمرود بن كنعان حيث بنى بناء عظيما ببابل طوله في السماء خمسة آلاف ذاع وقيل فرسخان ورام الصعود إلى السماء ليقاتل أهلها فأهب الله الريح فخر ذلك البناء عليه وعلى قومه فهلكوا وكان أعظم أهل الأرض تجبرا في زمن إبراهيم عليه السلام و نمروذ بضم النون والذال المعجمة وهو ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة والأولى أن الآية عامة في جميع البطلين الماكرين الذين يحاولون إلحاق الضر بالمحققين المؤمنين ومعنى المكر هنا الكيد والتدبير الذي لا يطابق الحق وفي هذا وعيد للكفار المعاصرين له ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن مكرهم سيعود عليهم كما عاد مكر من قبلهم على أنفسهم /12.