الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنۡيَٰنَهُم مِّنَ ٱلۡقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّقۡفُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَأَتَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (26)

قوله تعالى : { مِّنَ الْقَوَاعِدِ } : " مِنْ " لابتداءِ الغاية ، أي : من ناحيةِ القواعدِ ، أي : أتى أمرُ الله وعذابُه .

قوله : { مِن فَوْقِهِمْ } يجوز أن يتعلَّقَ ب " خَرَّ " وتكون " مِنْ " لابتداء الغاية ، ويجوز/ أَنْ يتعلق بمحذوفٍ على أنها حالٌ من " السقف " وهي حالٌ مؤكِّدة ؛ إذ السقفُ لا يكون تحتهم . وقال جماعة : ليس قوله " مِنْ تحتِهم " تأكيداً ؛ لأنَّ العرب تقول : " خَرَّ علينا سَقْفٌ ، ووقع علينا حائط " إذا كان يملكه وإنْ لم يَقعْ عليه ، فجاء بقوله " من فوقهم " ليُخْرج هذا الذي في كلام العرب ، أي : عليهم وَقَعَ وكانوا تحته فهلكوا . وهذا معنىً غيرُ طائلٍ ، والقولُ بالتأكيد أَنْصَعُ منه .

والعامَّةُ على " بُنْيانِهم " . وفرقة : " بِنْيَتَهُمْ " . وفرقة - منهم أبو جعفر- " بَيْتهم " . والضحاك " بُيوتهم " .

والعامَّةُ أيضاً : " السَّقْفُ " مفرداً . وفرقةٌ بفتحِ السين وضمِّ القاف بزنةِ عَضُد ، وهي لغةٌ في السَّقْف ، ولعلها مخففةٌ من المضموم ، وكَثُرَ استعمالُ الفرعِ لخفَّتِه كقول تميم : " رَجْل " ، ولا يقولون : " رَجُل " . وقرأ الأعرج " السُّقُف " بضمتين . وزيدٌ بن علي بضم السين وسكونِ القاف ، وقد تقدَّم مثلُ ذلك في قراءةِ { وَبِالنُّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } [ النحل : 16 ] .