بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنۡيَٰنَهُم مِّنَ ٱلۡقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّقۡفُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَأَتَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (26)

ثم قال تعالى : { قَدْ مَكَرَ الذين مِنْ قَبْلِهِمْ } أي : قد صنع الذين من قبلهم مثل المقتسمين ، فأبطل الله كيدهم { فَأَتَى الله بنيانهم مّنَ القواعد } أي : قلع بنيانهم من أساس البيت { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ } أي : سقف البيت ، قال الكلبي : وهو نمروذ بن كنعان ، بنى صرحاً طوله في السَّماء خمسة آلاف ذراع وخمسون ذراعاً ، وكان عرضه ثلاثة آلاف ذراع وخمسون ذراعاً ، فهدم الله بنيانه ، وخرّ عليهم السقف من فوقهم ، فأهلكهم الله . وقال القتبي : هذا مثل . أي : أهلك من قبلهم من الكفار ، كما أهلك من هدم مسكنه من أسفله ، فخرّ عليه . ويقال : هدم بنيان مكرهم من الأصل ، فخرّ عليهم السقف . أي : رجع وبال مكرهم إليهم ، كقوله تعالى : { استكبارا فِى الأرض وَمَكْرَ السيىء وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ آلاٌّوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَحْوِيلاً } [ فاطر : 43 ] { وأتاهم العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي : لا يعلمون .