الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنۡيَٰنَهُم مِّنَ ٱلۡقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّقۡفُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَأَتَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (26)

وقوله سبحانه : { قَدْ مَكَرَ الذين مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى الله بنيانهم } [ النحل : 26 ] .

قال ابنُ عبَّاس وغيره من المفسِّرين : الإِشارة ب{ الذين مِن قَبْلِهِمْ } إِلى نَمْرُوذَ الذي بنَى صَرْحاً ؛ ليَصْعَدَ فيه إِلى السماء بزعمه ، فلما أَفرَطَ في عُلُوِّه ، وطَوَّلَهُ في السماء فَرْسَخَيْنِ على ما حكَى النَّقَّاش ، بعث اللَّه عليه ريحاً ، فهدَمَتْه ، وخَرَّ سقفه عليه ، وعلى أتباعه ، وقيل : إِن جبريلَ هَدَمَهُ بِجَنَاحِهِ ، وألقَى أعلاه في البَحْر ، وانجعف من أسفله ، وقالت فرقة : المراد ب{ الذين مِن قَبْلِهِمْ } : جميعُ مَنْ كَفَر من الأمم المتقدِّمة ، ومكَر ، ونزلَتْ به عقوبةٌ ، وقوله على هذا : { فَأَتَى الله بنيانهم مِّنَ القواعد } إلى آخر الآية ، تمثيلٌ وتشبيهٌ ، أي : حالُهم كحَالِ مَنْ فُعِلَ به هذا .