ثم حكى سبحانه حال أضرابهم من المتقدّمين فقال : { قَدْ مَكَرَ الذين مِنْ قَبْلِهِمْ } ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد به نمروذ بن كنعان حيث بنى بناءً عظيماً ببابل ، ورام الصعود إلى السماء ليقاتل أهلها ، فأهبّ الله الريح ، فخرّ ذلك البناء عليه وعلى قومه فهلكوا ، والأولى أن الآية عامة في جميع المبطلين من المتقدّمين الذين يحاولون إلحاق الضرّ بالمحقين . ومعنى المكر هنا الكيد والتدبير الذي لا يطابق الحق ، وفي هذا وعيد للكفار المعاصرين له صلى الله عليه وسلم بأن مكرهم سيعود عليهم كما عاد مكر من قبلهم على أنفسهم { فَأَتَى الله بنيانهم } أي : أتى أمر الله ، وهو الريح التي أخربت بنيانهم . قال المفسرون : أرسل الله ريحاً ، فألقت رأس الصرح في البحر ، وخرّ عليهم الباقي { مّنَ القواعد } قال الزجاج : من الأساطين ، والمعنى : أنه أتاها أمر الله من جهة قواعدها فزعزعها { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فوقهم } قرأ ابن أبي هريرة ، وابن محيصن «السقف » بضم السين والقاف جميعاً . وقرأ مجاهد بضم السين وسكون القاف ، وقرأ الباقون { السقف } بفتح السين وسكون القاف ، والمعنى : أنه سقط عليهم السقف ، لأنه بعد سقوط قواعد البناء يسقط جميع ما هو معتمد عليها . قال ابن الأعرابي ، وإنما قال { من فوقهم } ليعلمك أنهم كانوا حالين تحته ، والعرب تقول خرّ علينا سقف ، ووقع علينا حائط إذا كان يملكه وإن لم يكن وقع عليه ، فجاء بقوله : { مّن فَوْقِهِمْ } ليخرج هذا الشك الذي في كلام العرب ، فقال : { مّن فَوْقِهِمْ } أي : عليهم وقع ، وكانوا تحته فهلكوا ، وما أفلتوا . وقيل : إن المراد بالسقف : السماء ، أي : أتاهم العذاب من السماء التي فوقهم . وقيل : إن هذه الآية تمثيل لهلاكهم ؛ والمعنى : أهلكهم فكانوا بمنزلة من سقط بنيانه عليه .
وقد اختلف في هؤلاء الذين خرّ عليهم السقف ، فقيل : هو نمروذ كما تقدّم ، وقيل : إنه بختنصر وأصحابه ، وقيل هم المُقسمون الذين تقدّم ذكرهم في سورة الحجر { وأتاهم العذاب } أي : الهلاك { مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } به ، بل من حيث أنهم في أمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.