تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{قَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنۡيَٰنَهُم مِّنَ ٱلۡقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّقۡفُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَأَتَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (26)

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : { قد مكر الذين } ، يعنى قد فعل الذين { من قبلهم } ، يعنى قبل كفار مكة ، يعنى نمروذ بن كنعان الجبار الذي ملك الأرض ، وبنى الصرح ببابل ؛ ليتناول فيما زعم إله السماء ، تبارك وتعالى ، وهو الذي حاج إبراهيم في ربه عز وجل ، وهو أول من ملك الأرض كلها ، وملك الأرض كلها ثلاثة نفر : نمروذ بن كنعان ، وذو القرنين ، واسمه الإسكندر قيصر ، ثم تبع بن أبي ضراحيل الحميري .

فلما بني نمروذ الصرح طوله في السماء فرسخين ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، في صورة شيخ كبير ، فقال : ما تريد أن تصنع ؟ قال : أريد أن أصعد إلى السماء ، فأغلب أهلها كما غلبت أهل الأرض ، فقال له جبريل ، عليه السلام : إن بينك وبين السماء مسيرة خمسمائة عام ، والتي تليها مثل ذلك ، وغلظها مثل ذلك ، وهي سبع سموات ، ثم كل سماء كذلك ، فأبي إلا أن يبني ، فصاح جبريل ، عليه السلام ، صيحة فطار رأس الصرح ، فوقع في البحر ، ووقع البقية عليهم ، فذلك قوله عز وجل : { فأتى الله بنيانهم من القواعد } ، يعنى من الأصل ، { فخر عليهم السقف من فوقهم } ، يعنى فوقع عليهم البناء الأعلى من فوق رؤوسهم ، { وأتاهم } يعني وجاءهم { العذاب من حيث لا يشعرون } [ آية :26 ] من بعد ذلك ، وبعدما اتخذ النسور ، وهي الصيحة من جبريل ، عليه السلام .