التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{قَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنۡيَٰنَهُم مِّنَ ٱلۡقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّقۡفُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَأَتَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (26)

قوله تعالى : { قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ( 26 ) ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ( 27 ) } المراد بالماكرين الذين من قبلهم هو النمرود بن كنعان الذي بنى صرحا عظيما ببابل طوله خمسة آلاف ذراع ورام منه أن يصعد إلى السماء ليقاتل أهلها . وبذلك فإن المراد بالمكر هنا : بناء الصرح لقتال أهل السماء .

وقيل : إن هذا عام في سائر أهل الظلم والباطل الذين يشيعون الكفر والفساد في الأرض والذين يضلون الناس بغير علم ليبعدوهم عن ملة الحق والتوحيد ويهدوهم إلى طريق جهنم طريق الكفر والعصيان والتمرد على منهج الله .

قوله : ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ) القواعد جمع قاعدة وهي الأساس . أي هدم الله بنيانهم باجتثاثه من أصوله فماتوا تحته .

قوله : ( فخر عليهم السقف من فوقهم ) أي تهدم عليهم البنيان وكانوا هم تحته فهلكوا .

قوله : ( وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) أي بعث الله عليهم عذابا من عنده بعد أن ظنوا أنهم آمنون ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر . وقيل : إن ذلك كله من باب التمثيل . والمقصود : أن هؤلاء الضالين المبطلين الذين يصدون عن دين الله ويحادون الله ورسوله والمؤمنين ، مصيرهم الهلاك والتدمير وسوء المصير في الدنيا .