جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{أُحِلَّ لَكُمۡ صَيۡدُ ٱلۡبَحۡرِ وَطَعَامُهُۥ مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِلسَّيَّارَةِۖ وَحُرِّمَ عَلَيۡكُمۡ صَيۡدُ ٱلۡبَرِّ مَا دُمۡتُمۡ حُرُمٗاۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (96)

{ أُحل لكم صيد{[1321]} البحر } : مما لا يعيش إلا في الماء في جميع الأحوال { وطعامه } أي : ما يتزود منه يابسا مالحا أو ما لفظه ميتا ، { متاعا لكم وللسّيارة } : منفعة للمقيم ، والمسافر ، وهو مفعول { وحُرّم عليكم صيد{[1322]} البر } أي : مصيدها ، وعن بعضهم المراد بالصيد في الموضعين فعله { ما دمتم حُرما } وأما أكل لحم صيد غير المحرم لا لأجله في حال الإحرام فالأصح الجواز بدليل الحديث ، { واتقوا الله الذي إليه{[1323]} تُحشرون } .


[1321]:وجملة حيوانات الماء على قسمين سمك وغيره أما السمك فميته حلال مع اختلاف أنواعها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أحلت لنا ميتتان السمك والجراد) [أخرجه أحمد (2/97)، وابن ماجة (3314)، وانظر (الصحيحة) (1118)]، فلا فرق بين أن يموت بسبب أو بغير سبب، وعند أبي حنيفة لا يحل إلا أن يموت بسبب من وقوع على حجر أو انحسار الماء منه ونحو ذلك أما غير السمك فقسمان قسم يعيش في البر كالضفدع والسرطان فلا يحل أكله، وقسم يعيش في الماء ولا يعيش في البر إلا عيش المذبوح فاختلف القول فيه فذهب قوم إلى أنه لا يحل شيء منها إلا السمك، وهو قول أبي حنيفة، وذهب قوم أن ميت الماء كلها حلال لأن كلها سمك وإن اختلف صورتها كالجريث يقال له حية الماء، وهو على شكل الحية وأكله مباح بالاتفاق، وهو قول عمر وأبي بكر وابن عباس، وزيد بن ثابت وأبي هريرة وبه قال شريح والحسن وعطاء وهو قول مالك وظاهر مذهب الشافعي، وذهب قوم على أن ما له نظير في البر يؤكل فميتته من حيوانات البحر حلال مثل بقر الماء ونحوه، و ما لا يؤكل نظيره في البر لا يحل من حيوانات البحر مثل كلب الماء والخنزير، والحمار ونحوها وقال الأوزاعي: كل شيء عيشه في الماء فهو حلال قيل فالتمساح قال: نعم قال الشعبي لو أن أهلي أكلوا الضفادع لأطعمتهم، وقال سفيان الثوري: أرجو ألا يكون بالسرطان بأس، وظاهر الآية حجة لمن أباح جميع حيوانات البحر/12 معالم.
[1322]:والظاهر أن الصيد في الموضعين الصحيحين أن جماعة من الصحابة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل الصيد للحرم فقال هل كان فيكم أحد أشار إلى الصيد وأعان في القتل قالوا لا فأكلوا وأكل منها/12 وجيز. [أخرجه البخاري في (الذبائح والصيد) (5492)، ومسلم في (الحج) (3/279) ط الشعب واللفظ له].
[1323]:ذكر الحشر إذ يظهر فيه جزاء من أطاع وعصى، ولما ذكر تعظيم الإحرام بالنهي عن قتل الوحش فيه وذكر تعظيم الكعبة بقوله: (هديا بالغ الكعبة) بين بعده أن الكعبة جعل قياما للناس فقال: (جعل الله الكعبة)/12 وجيز.