جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَٱخۡتَارَ مُوسَىٰ قَوۡمَهُۥ سَبۡعِينَ رَجُلٗا لِّمِيقَٰتِنَاۖ فَلَمَّآ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ قَالَ رَبِّ لَوۡ شِئۡتَ أَهۡلَكۡتَهُم مِّن قَبۡلُ وَإِيَّـٰيَۖ أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآۖ إِنۡ هِيَ إِلَّا فِتۡنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهۡدِي مَن تَشَآءُۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۖ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡغَٰفِرِينَ} (155)

{ واختار موسى قومه } منصوب بنزع الخافض أي : من قومه { سبعين رجلا لميقاتنا } أمر موسى أن يختار{[1729]} من بني إسرائيل سبعين ليدعوا ربهم فلما دعوا قالوا اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا من قبلنا ولا من بعدنا فكره الله تعالى ذلك فأخذتهم الرجفة أو اختار{[1730]} سبعين ليعتذروا من عبادة العجل فلما سمعوا كلام الله تعالى قالوا لموسى : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فماتوا أو أخذتهم{[1731]} الرجفة فإنهم علماء وما نهوا بني إسرائيل عن عبادة العجل ، وقال بعضهم : ما ماتوا ثم بعد تضرع موسى كشف عنهم الرجفة فاطمأنوا أو ماتوا لكن أحياهم الله تعالى بدعاء موسى { فلما أخذتهم الرجفة قال } موسى : { ربّ لو شئت } لو للتمني { أهلكتهم من قبل وإيّاي } تمنى هلاكهم وهلاكه قبل أن يرى ما يرى ، أو المراد أهلكتهم أي : عبدة العجل من قبل عبادتهم { أتُهلكنا بما فعل السفهاء منا } من التجاسر على طلب الرؤية فإن بعضا من السبعين طلبوا الرؤية ، أو من عبادة العجل ، ولذلك قيل : علماؤهم ما عبدوا العجل { إن هي إلا فتنتك } اختبارك وامتحانك حين أسمعتهم كلامك فطمعوا في الرؤية ، أو حين خلقت في العجل خوارا فضلوا { تضل بها من تشاء } ضلاله { وتهدي } بها { من تشاء } هداه { أنت وليُّنا } القائم بأمرنا { فاغفر لنا } ذنوبنا{[1732]} الماضية { وارحمنا } بأن لا توقعنا بعد في مثله { وأنت خير الغافرين } لأنك تغفر الذنوب جميعا بلا عرض ولا عوض .


[1729]:هذا قول ابن عباس وهذا يدل على أن ذلك قبل عبادتهم العجل/12 منه.
[1730]:وهو قول السدي ومحمد بن إسحاق/12 منه.
[1731]:هو قول مجاهد وقتادة وابن جريج/12 منه.
[1732]:اعلم أن كونه تعالى وليًّا للعبد يناسب أن يطلب العبد منه دفع المضار وتحصيل المنافع ليظهر آثار كرمه وفضله وإلهيته وأيضا اشتغال العبد بالتوبة والخضوع والخشوع يناسب طلب هذه الأشياء لذكر السبب الأول أولا وهو كونه تعالى وليا له وفرع عليه طلب هذه الأشياء ثم ذكر بعده السبب الثاني وهو اشتغال العبد بالتوبة والخضوع فقال: (إنا هدنا إليك)/12 كبير.