معاني القرآن للفراء - الفراء  
{فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ} (12)

وقوله - عزَّ وجلَّ - : { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ ما يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائقٌ بِهِ صَدْرُكَ 12 } .

يقول : يضيق صدرك بما نوحيه إليك فلا تُلقيه إليهم مخافة أن يقولوا : لولا أنزل عليك كنز . فأَن في قوله : { أَنْ يَقُولوا } دليل على ذلك . وهي بمنزلة قوله : { يُبَيَّنُ اللّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } و( مِن ) تَحسنَ فيها ثم تُلقَى ، فتكون في موضع نصب ؛ كما قال - عز وجل : { يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ في آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الَموْتِ } أَلا ترى أن ( مِنْ ) تحسن في الحَذَر ، فإذا أُلقِيت انتصب بالفعل لا بإلقاء ( من ) كقول الشاعر :

وأَغفرُ عوراء الكريم اصطناعَه *** وأُعرِض عن ذات الّلئيم تَكَرُّما