الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ} (12)

قوله تعالى : { فَلَعَلَّكَ } : الأحسنُ أن تكونَ على بابها من الترجِّي بالنسبة إلى المخاطب . وقيل : هي للاستفهام كقوله عليه السلام : " لعلنا أعجلناك "

قوله : { وَضَآئِقٌ } نسقٌ على " تارك " . وعَدَلَ عن " ضيّق " وإن كان أكثر من " ضائق " قال الزمخشري : " ليدلَّ على أنه ضيِّق عارضٌ غيرُ ثابت ، ومثلُه سَيِّد وجَواد ، فإذا أردْتَ الحدوثَ قلت : سائدٌ وجائد " . قال الشيخ : " وليس هذا الحكمُ مختصاً بهذه الألفاظ ، بل كلُّ ما بُني من الثلاثي للثبوتِ والاستقرارِ على غير فاعِل رُدَّ إليه إذا أريد به معنى الحدوث تقول : حاسِن وثاقِل وسامِن في حَسُن وثَقُل وسَمُنَ " وأنشد :

2638 بمنزلةٍ أمَا اللئيمُ فسامِنٌ *** بها وكرامُ الناسِ بادٍ شُحوبُها

وقيل : إنما عَدَل عن ضيِّق إلى ضائق ليناسب وزن تارك .

والهاءُ في " به " تعود على " بعض " . وقيل : على " ما " . وقيل : على التكذيب . و " صدرُك " فاعل ب " ضائق " . ويجوز أن يكون " ضائقٌ " خبراً مقدماً ، و " صدرك " مبتدأٌ مؤخرٌ ، والجملة خبرٌ عن الكاف في " لعلك " ، فيكون قد أخبر بخبرين ، أحدهما مفرد ، والثاني جملة عُطِفت على مفرد ، إذ هي بمعناه ، فهو نظير : " إنَّ زيداً قائم وأبوه منطلق " ، أي : إن زيداً أبوه منطلق .

قوله : { أَن يَقُولُواْ } في محلِّ نصبٍ أو جرٍّ على الخلاف المشهور في " أنْ " بعد حَذْف حرف الجر أو المضاف ، تقديره : كراهة أو مخافةَ أَنْ يقولوا ، أو لئلا يقولوا ، أو بأن يقولوا . وقال أبو البقاء : " لأن يقولوا ، أي : لأَنْ قالوا ، فهو بمعنى الماضي " وهذا لا حاجة إليه ، وكيف يُدَّعى ذلك فيه ومعه ما هو نصٍّ في الاستقبال وهو الناصب ؟ و " لولا " تحضيضيةٌ ، وجملةُ التحضيضِ منصوبةٌ بالقول .