معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِذۡ قَتَلۡتُمۡ نَفۡسٗا فَٱدَّـٰرَ ٰٔتُمۡ فِيهَاۖ وَٱللَّهُ مُخۡرِجٞ مَّا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ} (72)

وقوله : { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها . . . }

وقوله : { وَإِذْ وَاعَدْنا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } { وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ } يقول القائل : وأين جواب " إذ " وعلام عُطِفت ؟ ومثلها في القرآن كثيرٌ بالواو ولا جواب معها ظاهرٌ ؟ والمعنى - والله أعلم - على إضمار " واذكروا إذ أنتم " أو " إذ كنتم " فاجتزئ بقوله : { اذكروا } في أوّل الكلام ، ثم جاءت " إذ " بالواو مردودةً على ذلك . ومثلُه من غير " إذ " قولُ الله { وإِلى ثَمُودَ أَخَاهُم صَالحا } وليس قبلَه شيء تراه ناصباً لصالح ؛ فعُلم بذكر النبي صلى الله عليه وسلم والمُرسَل إليه أنّ فيه إضمارََ أرسَلْنا ، ومثله قوله : { ونُوحا إِذْ نادَى مِنْ قَبْلُ } { وذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً } { وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } يجرى هذا على مثل ما قال في " ص " : { وَاذْكُرْ عِبَادَنا إِبْرَاهِيمَ وإِسْحَقَِ } ثم ذكر الأنبياء الذين من بعدهم بغير " واذكر " لأنّ معناهم مُتّفق معروفٌ ، فجاز ذلك . ويستدل على أنّ " واذكروا " مضمرة مع " إذ " أنه قال : { وَاذْكُرُوا إِذْْْْْْْْْْْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ في الأَرْضِ } { واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثّرََكُمْ } فلو لم تكن ها هنا " واذكروا " لاستدْلَلتَ على أنّها تُراد ؛ لأنّها قد ذُكرت قبلَ ذلك . ولا يجوزُ مثلُ ذلك في الكلام بسقوط الواو إلاّ أن يكون معه جوابه متقدِّما أو متأخِّرا ؛ كقولك : ذكرتُك إذ احتجتُ إليك أو إذ احتجتُ ذكرتُك .