نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِذۡ قَتَلۡتُمۡ نَفۡسٗا فَٱدَّـٰرَ ٰٔتُمۡ فِيهَاۖ وَٱللَّهُ مُخۡرِجٞ مَّا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ} (72)

ولما قسمت القصة شطرين تنبيهاً على النعمتين : نعمة العفو عن التوقف عن الأمر ونعمة البيان للقاتل بالأمر الخارق ، {[33]}وتنبيهاً على أن لهم بذلك تقريعين : أحدهما بإساءة الأدب في الرمي بالاستهزاء والتوقف عن الامتثال والثاني على قتل النفس وما تبعه ، ولو رتبت ترتيبها في الوجود لم يحصل ذلك{[34]} ، وقدم الشطر الأنسب لقصة السبت اتبعه الآخر{[35]} . وقال الحرالي : قدم نبأ قول موسى عليه السلام على ذكر تدارئهم في القتيل ابتداء بأشرف القصدين من معنى التشريع الذي هو القائم على أفعال الاعتداء وأقوال الخصومة - انتهى .

فقال تعالى { وإذ } أي واذكروا إذ ، {[3140]} وأسند القتل إلى الكل والقاتل واحد لأن ذلك عادة العرب ، لأن عادة القبيلة المدافعة عن أحدهم{[3141]} فقال { قتلتم نفساً } فأقبل عليهم بالخطاب توبيخاً لهم وإشارة إلى أن الموجودين{[3142]} منهم راضون بما مضى من أسلافهم وأن من ودّ شيئاً كان من عملته .

{[3143]}ولما كانوا قد أنكروا القتل سبب عنه قوله مشيراً إلى إخفائه بالإدغام{[3144]} { فادارأتم فيها } {[3145]}أي تدافعتم فكان كل فريق منكم يردّ القتل إلى الآخر فكان لكم بذلك ثلاثة آثام : إثم الكبيرة وإثم الإصرار وإثم الافتراء بالدفع ؛ {[3146]}قال الكلبي : وذلك قبل نزول القسامة في التوراة ، كأنه يشير إلى ما أذكره عنها قريباً .

ولما كان فعلهم في المدارة فعل غافل عن إحاطة علم الخالق سبحانه قال يحكي حالهم إذ ذاك{[3147]} { والله } {[3148]}أي والحال أن الذي له الأمر كله{[3149]} { مخرج } بلطيف صنعه وعظيم شأنه { ما كنتم تكتمون * }{[3150]} وفي تقديمه أيضاً زيادة تبكيت لهم بتوقفهم{[3151]} في ذبح بقرة أمروا بذبحها لمصلحة لهم عظيمة بعد مبادرة بعضهم إلى قتل إنسان مثله بعد النهي الشديد عنه .


[33]:- ليست في مد؛ وفي م وظ: في تصنيفه.
[34]:- في م: يطالعه.
[35]:- في م وظ: الاعم.
[3140]:العبارة من هنا إلى "فقال" ليست في ظ.
[3141]:وفي البحر المحيط: ونسبة القتيل إلى جمع إما لأن القاتلين جمع وهم ورثة المقتول وقد نقل أنهم اجتمعوا على قتله، أو لن القاتل واحد ونسب ذلك إليهم لوجود ذلك فيهم على طريقة العرب في نسبة الأشياء إلى القبيلة إذا وجد من بعضها ما يذم به أو يمدح 1 / 259.
[3142]:في مد: المودين.
[3143]:ليست في ظ، وفي مد: خفايه – مكان: إخفائه.
[3144]:ليست في ظ: وفي مد: خفايه – مكان: إخفائه.
[3145]:قرأ الجمهور بالإدغام، وقرأ ابو حيوة: فتدارأتم على وزن تفاعلتم وهو الأصل، ونقل من جمع في التفسير أن أبا السوار قرأ: فدارأتم – بغير ألف قبل الراء؛ ويحتمل هذا التدارؤ وهو التدافع أن يكون حقيقة وهو أن يدفع بعضهم بعضا بالأيدي لشدة الاختصام ويحتمل المجاز بأن يكون بعضهم طرح قتله على بعض فدفع المطروح عليه ذلك إلى الطارح أو بأن دفع بعضهم بعضا بالتهمة والبراءة – البحر المحيط.
[3146]:ليست في ظ: وفي م: غامض – مكان غافل.
[3147]:ليست في ظ: وفي م: غامض – مكان: غافل.
[3148]:ليست في ظ.
[3149]:ليست في ظ.
[3150]:وقال المهائمي: "والله مخرج" من قلوبكم "ما كنتم تكتمون" من أمر القاتل وانه لو سماه موسى لكذبوه.
[3151]:ليس في ظ.