قوله تعالى : { فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا } : فعلٌ وفاعلٌ ، والفاءُ للسببية ، لأنَّ التدارُؤَ كان مُسَبَّباً عن القتلِ ، ونسبَ القتلَ إلى الجميعِ وإنْ لم يَصْدُرْ إلاَّ من واحدٍ أو اثنين كما قيل ، لأنه وُجِدَ فيهم ، وهو مجازٌ شائعٌ . وأصل ادَّارأتم : تَدارَأْتُم تفاعَلْتم من الدَّرْءِ وهو الدفعُ ، فاجتمعَتِ التاءُ مع الدال وهي مقارِبتُها فأريدَ الإِدغامُ فَقُلبت التاءُ دالاً وسُكِّنتْ لأجلِ الإِدغامِ ، ولا يمكنُ الابتداءُ بساكنٍ فاجتُلِبَتْ همزةُ الوصلِ ليُبتدأ بها فبقي ادَّارأتم ، والأصل : " ادْدَارَأْتم " فأدغم ، وهذا مطردٌ في كلِّ فعل على تَفَاعَل أو تفعَّل فاؤُه دالٌ نحو : " تَدَايَنَ وادَّايَنَ ، وتَدَيَّن وادَّيَّن ، أو ظاء أو طاء أو ضاد أو صادٌ نحو : تَطَاير واطَّاير ، وتَطّيَّر واطَّيَّر ، وتَظَاهَرَ واظَّاهر ، وتَطَهَّر واطَّهَّر ، والمصدرُ على التفاعُلِ أو التفعُّل نحو : تدارؤ وتطهُّر نظراً إلى الأصلِ ، وهذا أصل نافعٌ في جميعِ الأبوابِ فليُتأمَّلْ .
قوله : { وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } " الله " رفعٌ بالابتداء و " مُخْرجٌ " خبرُه ، وما موصولةٌ منصوبةٌ المحلِّ باسمِ الفاعلِ ، فإنْ قيل : اسمُ الفاعلِ لا يَعْمَل بمعنى الماضي إلا مُحَلَّى بالألف واللام . فالجواب/ أنَّ هذه حكايةُ حالٍ ماضيةٍ ، واسمُ الفاعل فيها غير ماضٍ ، وهذا كقوله تعالى : { وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ } [ الكهف : 18 ] ، والكسائي يُعْمِلُه مطلقاً ويستدلُّ بهذا ونحوهِ . و " ما " يجوز أَنْ تكونَ موصولةً اسميةً ، فلا بد من عائدٍ ، تقديره : مُخْرِجُ الذي كنتم تكتمونَه ، ويجوز أن تكونَ مصدريةً ، والمصدرُ واقعٌ موقعَ المفعول به أي مُخْرِجٌ مكتومَكم ، وهذه الجملةُ لا محلَّ لها من الإِعرابِ لأنها معترضةٌ بين المعطوفِ والمعطوفِ عليه ، وهما : " فادَّارَأْتم " " فقلنا اضرِبوه " قاله الزمخشري . والضميرُ في " اضربوه " يعودُ على النفس لتأويلِها بمعنى الشخص والإِنسان ، أو على القتيلِ المدلولِ عليه بقوله : والله مُخْرِجٌ ما كنتم تكتمون " . والجملةُ من " اضربوه " محلِّ نصبٍ بالقولِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.