النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِذۡ قَتَلۡتُمۡ نَفۡسٗا فَٱدَّـٰرَ ٰٔتُمۡ فِيهَاۖ وَٱللَّهُ مُخۡرِجٞ مَّا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ} (72)

قوله عز وجل : { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا } يعني من قتل الإسرائيلي ؟ الذي قتله ابن أخيه ، وفي سبب قتله قولان :

أحدهما : لبنت له حسناء ، أحب أن يتزوجها .

والثاني : طلباً لميراثه ، وادعى قتله على بعض الأسباط .

وفي قوله تعالى : { . . . فَادَّارَأْتُم فيها } ثلاثة أوجه :

أحدها : أنّ الَّدْرءَ الاعوجاج ، ومنه قول الشاعر :

أمسكت عنهم درء الأعادي *** وداووا بالجنون من الجنون

يعني اعوجاج الأعادي .

والثاني : وهو المشهور ، أن الدرء المدافعة ، ومعناه أي تدافعتم في القتل ، ومنه قول رؤبة بن العجاج :

أدركتها قدام كل مدره *** بالدفع عني درء كل منجه

والثالث : معناه اختلفتم وتنازعتم ، قاله السدي ، وقيل إن هذه الآية وإن كانت متأخرة في التلاوة ، فهي متقدمة في الخطاب على قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ مَوسَى لِقَومِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُم } الآية . لأنهم أُمِرُوا بذبحها ، بعد قتلهم ، واختلفوا في قاتله .

قوله تعالى : { وَاللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } أي والله مظهر ما كنتم تُسِرّون من القتل ، فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لَو أَنَّ أَحَدَكُم يَعْمَلُ في صَخْرَةٍ صَمَّاءَ لَيْسَ لَهَا بَابٌ ، لأَخْرَجَ اللهُ عَمَلَهُ " {[151]} .


[151]:- مسند أحمد 3/ 28.