معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (29)

وقوله : { فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ } مختلفون . هَذَا مَثَل ضربه الله للكافر والمؤمن . فجعلَ الذي فيه شركاء الذي يَعبد الآلهةَ المختلفة .

وقوله { وَرَجُلاً سَلَما لِّرَجُلٍ } هو المؤمن الموحِّد . وقد قرأ العوامّ ( سَلَما ) وسَلَمٌ وَسالم متقاربان في المعْنى ، وكأنّ ( سلما ) مصدر لقولكَ : سَلِم لهُ سَلَما والعرب تقولُ : رَبِحَ رِبحا ورَبحا ، وسَلِمَ سِلما وسَلَما وسلامة . فسالم من صفة الرّجل ، وسَلَمَ مصدرٌ لذلك . والله أعلم .

حدّثنا أبو العبّاس قال : حدّثنا محمد ، قال : حدثنا الفراء قال : حدَّثني أبو إسْحاق التيميّ -وليسَ بصاحب هُشيم - عن أبى رَوْق عن إبراهيم التيميّ عن ابن عباس أنه قرأ ( ورَجُلاً سَالما ) قال الفراء : وحدثني ابن عُيَيْنَةَ عن عبد الكريم الجزرى عن مجاهد أنه قرأ ( سالما ) .

وقوله : { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً } ولم يقل مثلَين ، لأنهما جميعاً ضُرِبا مثلا واحداً ، فجرى المَثَل فيهما بالتوحيد ومثله { وجَعَلْنا ابنَ مَرْيَمَ وَأُمّهُ آيَةً } ولم يقل : آيتين ؛ لأن شأنهما وَاحد . ولو قيل مَثَلين أو آيتين كانَ صَوابَا ؛ لأنهما اثنانِ في اللفظ .