غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (29)

1

ضرب من أمثال القرآن مثلاً لقبح طريقة أهل الشرك وهو رجل من المماليك قد اشترك { فيه شركاء متشاكسون } أي كلهم يسيء خلقه في استخدامه أو هم مختلفون في ذلك يأمره هذا بشيء وينهاه الآخر عن ذلك الشيء بعينه . والشكاسة سوء الخلق والاختلاف . { ورجلاً سالماً لرجل } أي خالصاً من الشرك . ومن قرأ بغير ألف فعلى حذف المضاف أي ذا سلامة وذا خلوص من الشركة . وقال جار الله : وإنما جعله رجلاً ليكون أفطن لما شقي به أو سعد فإن المرأة والصبي قد يغفلان عن ذلك . قلت : لا ريب أن الرجل أصل في كل باب فجعله مضرب المثل أولى نظيره { وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم } [ النحل : 76 ] ثم استفهم على سبيل الإنكار بقوله { هل يستويان مثلاً } وهو تمييز أي هل يستوي حالاهما وصفتاهما . واقتصر في التمييز على الواحد لقصد الجنس والمراد تجهيل من يجعل المعبود متعدداً ، فليس رضا واحد كطلب رضا جماعة مختلفين . وحاصله يرجع إلى دليل التمانع كما مرّ في قوله

{ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } [ الأنبياء : 22 ] وقال أهل العرفان : الشركاء المتشاكسون تجاذب شغل الدنيا وشغل العيال وغير ذلك من الأشغال ، فأين ذلك الرجل ممن ليس له في الدنيا نصيب ولا له في الخلق نسيب وهو عن الآخرة غريب وإلى الله قريب . قوله { الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون } كما مرّ في " لقمان "