ولما ذكر تعالى أنه ضرب في القرآن { من كل مثل } : أي محتاج إليه ، ضرب هنا مثلاً لعابد آلهة كثيرة ، ومن يعبد الله وحده ، ومثل برجل مملوك اشترك فيه ملاك سيئو الأخلاق ، فهو لا يقدر أن يوفي كل واحد منهم مقصوده ، إذ لا يتغاضى بعضهم لبعض لمشاحتهم ، وطلب كل منهم أن يقضي حاجته على التمام ، فلا يزال في عناء وتعب ولوم من كل منهم .
ورجل آخر مملوك جميعه لرجل واحد ، فهو معني بشغله لا يشغله عنه شيء ، ومالكه راض عنه إن قد خلص لخدمته وبذل جهده في قضاء حوائجه ، فلا يلقى من سيده إلا إحساناً ، وتقدم الكلام في نصب المثل وما بعده .
وقال الكسائي : انتصب رجلاً على إسقاط الخافض ، أي مثلاً لرجل ، أو في رجل فيه ، أي في رقه مشتركاً ، وفيه صلة لشركاء .
وقرأ عبد الله ، وابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والزهري ، والحسن : بخلاف عنه ؛ والجحدري ، وابن كثير وأبو عمرو : سالما اسم فاعل من سلم ، أي خالصاً من الشركة .
وقرأ الأعرج ، وأبو جعفر ، وشيبة ، وأبو رجاء ، وطلحة ، والحسن : بخلاف عنه ؛ وباقي السبعة : سلما بفتح السين واللام .
وقرأ ابن جبير : سلما بكسر السين وسكون اللام ، وهما مصدر ان وصف بهما مبالغة في الخلوص من الشركة .
وقال الزمخشري : أي وهناك رجل سالم لرجل .
ويجوز أن يكون ورجل مبتدأ ، لأنه موضع تفصيل ، إذ قد تقدم ما يدل عليه ، فيكون كقول امرىء القيس :
إذا ما بكى من خلفها انحرفت له *** بشقّ وشق عندنا لم يحوّل
وقال الزمخشري : وإنما جعله رجلاً ليكون أفطن لما شقى به أو سعد ، فإن المرأة والصبي قد يغفلان عن ذلك .
وانتصب مثلاً على التمييز المنقول من الفاعل ، إذ التقدير : هل يستوي مثلهما ؟ واقتصر في التمييز على الواحد ، لأنه المقتصر عليه أو لا في قوله : { ضرب الله مثلاً } ، ولبيان الجنس .
وقرىء : مثلين ، فطابق حال الرجلين .
وقال الزمخشري : ويجوز فيمن قرأ مثلين أن يكون الضمير في يستويان للمثلين ، لأن التقدير مثل رجل ، والمعنى : هل يستويان فيما يرجع إلى الوصفية ؟ كما يقول : كفى بهما رجلين . انتهى .
والظاهر أنه يعود الضمير في يستويان إلى الرجلين ، فأما إذا جعلته عائداً إلى المثلين اللذين ذكر أن التقدير مثل رجل ورجل ، فإن التمييز إذ ذاك يكون قد فهم من المميز الذي هو الضمير ، إذ يصير التقدير : هل يستوي المثلان مثلين ؟ قل : { الحمد لله } : أي الثناء والمدح لله لا لغيره ، وهو الذي ثبتت وحدانيته ، فهو الذي يجب أن يحمد ، { بل أكثرهم لا يعلمون } ، فيشركون به غيره .
ولفظة الحمد لله تشعر بوقوع الهلاك بهم بقوله : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.