معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ثُمَّ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ} (154)

وقوله : { ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتَابَ تَماما على الَّذِي أَحْسَنَ }

تماما على المحسن . ويكون المحسن في مذهب جمع ؛ كما قال : { إِنَّ الإِنْسَانَ لَفي خُسْرٍ } . وفي قراءة عبد الله ( تَماما على الذِين أحسنوا ) تصديقا لذلك . وإن شئت جعلت ( الذي ) على معنى ( ما ) تريد : تماما على ما أحسن موسى ، فيكون المعنى : تماما على إحسانه . ويكون ( أحسن ) مرفوعا ؛ تريد على الذي هو أحسن ، وتنصب ( أحسن ) ها هنا تنوى بها الخفض ؛ لأن العرب تقول : مررت بالذي هو خير منك ، وشر منك ، ولا يقولون : مررت بالذي قائم ؛ لأن ( خيرا منك ) كالمعرفة ؛ إذ لم تدخل فيه الألف واللام . وكذلك يقولون : مررت بالذي أخيك ، وبالذي مثلِك ، إذا جعلوا صلة الذي معرفة أو نكرة لا تدخلها الألف واللام جعلوها تابعة للذي ؛ أنشدني الكسائي :

إن الزُّبيرىَّ الذي مِثْلَ الحَلَمْ *** مَشَّى بأسلابك في أهل العَلَم