بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ثُمَّ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ} (154)

قوله تعالى :

{ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب } يعني : التوراة ، ويقال : الألواح التي كتبت عليها حين انطلق إلى الجبل . ويقال : معناه ثم أتل عليكم كما قال الله تعالى : { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب } . ويقال : { ثم } بمعنى الواو يعني وآتينا موسى الكتاب { تَمَامًا عَلَى الذي أَحْسَنَ } قال القتبي : أي تماماً على المحسنين . كما يقول ثلث مالي لمن غزا أي للغزاة . والمحسنون هم الأنبياء والمؤمنون . و{ على } بمعنى اللام كما نقول في الكلام أتم الله عليه النعمة بمعنى : أتم له . قال : ومعنى الآية والله أعلم وآتينا موسى الكتاب تماماً على أحسن من العلم والحكمة ، أي مع ما كان له من العلم ، وكتب المتقدمين أعطيناه زيادة على ذلك . ويكون { الذي } بمعنى : ما . قال : ومعنى آخر آتينا موسى الكتاب تتميماً منا للمحسنين يعني : الأنبياء والمؤمنين . { وَتَفْصِيلاً } منا { لّكُلّ شَيْء } يعني : بياناً لكل شيء . قال : ويجوز معنى آخر وآتينا موسى الكتاب إتماماً منا للإحسان على من أحسن ، تفصيلاً لكل شيء يعني ، بياناً لكل شيء { وهدى } من الضلالة { وَرَحْمَةً } يعني : ونعمة ورحمة من العذاب { لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبّهِمْ يُؤْمِنُونَ } يعني : لكي يصدقوا بالبعث .