الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ثُمَّ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ} (154)

قوله سبحانه : { ثُمَّ ءَاتَيْنَا مُوسَى الكتاب تَمَامًا عَلَى الذي أَحْسَنَ }[ الأنعام :154 ] .

{ ثُمَّ } ، في هذه الآية : إنما مُهْلَتها في ترتيب القولِ الذي أمر به نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم ، كأنه قال : ثم ممَّا قضَيْناه أنَّا آتينا موسَى الكتاب ، ويدعو إلى ذلك أن موسى عليه السلام متقدِّم بالزمانِ على نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم وتلاوته ما حرَّم اللَّه ، و{ الكتاب } : التوراةُ ، و{ تَمَاماً } : مصدر ، وقوله : { عَلَى الذي أَحْسَنَ } : مختلفٌ في معناه ، فقالت فرقة : { الذي } بمعنى الَّذِينَ و{ أَحْسَنَ } : فعلٌ ماضٍ صلَةُ «الذين » ، وكأن الكلام : وآتينا موسَى الكتابَ تفضُّلاً على المحسنين من أهْل ملَّته ، وإتماماً للنعمة عليهم ، وهذا تأويل مجاهد ، ويؤيِّده ما في مصحف ابْنِ مسعود : ( تَمَاماً عَلَى الَّذِينَ أحْسَنُوا ) ، وقالت فرقة : المعنى : تماماً على ما أحْسَنَ هو مِنْ عبادة ربِّه ، يعني : موسى عليه السلام وهذا تأويل الربيع وقتادة ، وقالت فرقة : المعنى : تماماً على الذي أحسن اللَّه فيه إلى عباده من النبوءات وسائر النعم ، و{ بِلَقَاء رَبِّهِمْ } ، أي : بالبعث .