غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ثُمَّ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ} (154)

151

قوله : { ثم آتينا موسى الكتاب } معطوف على { وصاكم } فسئل كيف صح عطفه عليه بثم والإيتاء قبل الوصية بدهر طويل ؟ وأجيب بأن التكاليف التسعة المذكورة تكاليف لا تختلف بحسب اختلاف الشرائع كما روي عن ابن عباس أن هذه الآيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب ، وقيل : إنهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ومن تركهن دخل النار ، وعن كعب الأحبار : والذي نفس كعب بيده إن هذه الآيات لأول شيء في التوراة . وأما الشرائع التي كانت التوراة مختصة بها فهي إنما حدثت بعد تلك التكاليف التسعة فكأنه قيل : ذلكم وصاكم به يا بني آدم قديماً وحديثاً ، ثم أعظم من ذلك أنا آتينا موسى الكتاب وأنزلنا هذا الكتاب المبارك . وقيل : إن في الآية حذفاً تقديره : ثم قل يا محمد صلى الله عليه وآله إنا آتينا . والمعنى اتل ما أوحي إليك ثم اتل عيلهم خبر ما آتينا موسى . وقيل : هو معطوف على ما تقدم قبل شطر السورة من قوله : { ووهبنا له إسحق ويعقوب } [ الأنعام : 84 ] وقوله : { تماماً على الذي أحسن } مفعول له أي لتتم نعمتنا على الذي أحسن أي على من كان محسناً صالحاً ، أو المراد إتمام للنعمة والكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ وكل ما أمر به ، أو تماماً على الذي أحسن موسى من العلم والشرائع من أحسن الشيء إذا أجاد معرفته أي زيادة على علمه . وقرئ { أحسن } بالرفع أي على الدين الذي هو أحسن دين وأرضاه { وتفصيلاً لكل شيء } فيدخل في ذلك بيان نبوة رسولنا صلى الله عليه وآله وصحة دينه وشرعه { وهدى } دلالة { ورحمة } لكي يؤمنوا بلقاء ما وعدهم ربهم به من ثواب وعقاب .

/خ165