الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ} (35)

قوله تعالى : { هَذَا الْبَلَدَ آمِناً } : مفعولا الجَعْلِ التصييري ، وقد تقدَّم تحريرُه في البقرة . قال الزممخشري : " فإن قلت : أيُّ فَرْقٍ بين قولِه

{ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً } [ البقرة : 126 ] وبين قولِه { هَذَا الْبَلَدَ آمِناً } ؟ قلت : قد سأل في الأول أن يجعلَه مِنْ جملة البلادِ التي يأْمَنُ أهلُها ولا يخافون ، وفي الثاني أن يُخْرجَه مِنْ صفةٍ كان عليها من الخوفِ إلى ضِدِّها من الأمنِ ، كأنه قال : هو بلدٌ مَخُوفٌ فاجْعَلْه آمِناً " .

قوله : { وَاجْنُبْنِي } يُقال : جَنَبَه شرَّاً ، / وأَجْنَبَه إياه ، ثلاثياً ، ورباعياً ، وهي لغةُ نجدٍ ، وجَنِّبه إياه مشدداً ، وهي لغةُ الحجازِ ، وهو المَنْعُ ، وأصلُه مِنَ الجانب . وقال الراغب : " وقولُه تعالى : { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ } مِنْ جَنَبْتُه عن كذا ، أي : أَبْعَدْتُه منه . وقيل : مِنْ جَنَبْتُ الفَرَسَ كأنما أن يقودَه عن جانبِ الشِّرْك بألطافٍ منه وأسبابٍ خفيَّةٍ " .

و { أَن نَّعْبُدَ } على حَذْفِ الحرف ، أي : عن أن . وقرأ الجحدريُّ وعيسى الثقفي " وأَجْنِبْني " بقطعِ الهمزة مِنْ أَجْنَبَ .