قوله : { كَمَآءٍ } : فيه ثلاثةُ أوجه ، أحدُها : أن تكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ ، فقدَّره ابنُ عطية هي : أي : الحياة الدنيا . والثاني : أنه متعلقٌ بمعنى المصدر ، أي : ضرباً كماء . قاله الحوفي . وهذا بناءً منهما على أن " ضَرَب " هذه متعديةٌ لواحدٍ فقط . والثالث : أنه في موضعِ المفعول الثاني ل " اضْرِبْ " لأنها بمعنى صَيَّرَ . وقد تقدَّم .
قال الشيخ بعدما نقل قولَيْ ابن عطية والحوفي : " وأقولُ : إنَّ " كماء " في موضعِ المفعولِ الثاني لقولِه " واضربْ " ، أي : وصَيِّرْ لهم مَثَلَ الحياة ، أي : صفتَها شبهَ ماء " . قلت : وهذا قد سبقه إليه أبو البقاء .
و " أَنْزَلَناه " صفةٌ ل " ماء " .
قوله : { فَاخْتَلَطَ بِهِ } يجوز في هذه الباءِ وجهان أحدهما : أن تكونَ سببيةً . الثاني : أَنْ تكونَ معدِّية . قاله الزمخشري : " فالتفَّ بسببِه وتكاثف حتى خالط بعضُه بعضاً . وقيل : نَجَعَ الماءُ في النبات حتى رَوِيَ ورَفَّ رَفِيْفاً . وكان حقُّ اللفظِ على هذا التفسيرِ : فاختلط بنباتِ الأرضِ . ووجه صحتِه : أنَّ كلَّ مختلطَيْنِ موصوفٌ كلُّ واحدٍ منهما بصفةِ الآخرَ " .
قوله : { فَأَصْبَحَ هَشِيماً } " أصبح " يجوزُ أَنْ تكونَ على بابِها ؛ فإنَّ أكثرَ ما يَطْرُقُ مِن الآفاتِ صباحاً ، كقولِه : { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ } [ الكهف : 42 ] ويجوز أَنْ تكونَ بمعنى صار مِنْ غير تقيُّدٍ بصَباحٍ كقوله :
أَصْبَحْتُ لا أَحْمِلُ السلاحَ ولا *** اَمْلِكُ رَأْسَ البعيرِ إنْ نَفَرا
والهَشِيمُ : واحدُه هَشِيْمَة وهو اليابس . وقال الزجاج وابن قتيبة : كل ما كان رطباً فَيَبِسَ . ومنه { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ } [ القمر : 31 ] . ومنه : هَشَمْتُ الفتَّ . ويقال : هَشَمَ الثَّريدَ : إذا فَتَّه .
قوله : " تَذْرُوْه " صفةٌ ل " هَشيماً " والذَّرْوُ : التفريقُ ، وقيل : الرفْعُ .
قوله : " تَذَرُوْه " بالواو . وقرأ عبد الله " تَذْرِيه " من االذَّرْي ، ففي لامه لغتان : الواوُ والياءُ . وقرأ ابنُ عباس " تُذْرِيه " بضم التاء من الإِذْراء . وهذه تحتمل أَنْ تكونَ من الذَّروِ وأَنْ تكونَ من الذَّرْيِ . والعامَّةُ على " الرياح " جمعاً . وزيد بن علي والحسن والنخعي في آخرين " الرِّيحُ " بالإِفراد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.