الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِذۡ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ أَسۡلِمۡۖ قَالَ أَسۡلَمۡتُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (131)

قوله تعالى : { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ } : في " إذ " خمسةُ أوجهٍ أصَحُّها أنه منصوبٌ ب " قال أَسْلَمْتُ " ، أي : قال أسلمتُ وقتَ قولِ الله له أَسْلَمْ . الثاني : أنه بَدَلٌ من قوله " في الدنيا " . الثالث : أنه منصوبٌ باصطفيناه . الرابع : أنه منصوبٌ ب " اذكر " مقدَّراً ، ذكر ذلك أبو البقاء والزمخشري . وعلى تقدير كونِه معمولاً لاصطفيناه أو ل " اذكر " مقدرّاً يبقى قولُه " قال أسلمْتُ " غيرَ منتظم مع ما قبله ، إلا أنْ يُقدَّرَ حذفُ حرفِ عطفٍ أي : فقال ، أو يُجْعَلَ جواباً لسؤالٍ مقدَّرٍ أي : ما كان جوابُه ؟ فقيل : قال أسلَمْتُ ، الخامس : أبْعَدَ بعضُهم فجعله مع ما بعدَه في محلِّ نصبٍ على الحالِ والعاملُ فيه " اصطَفَيْناه " .

وفي قوله : { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ } التفاتٌ إذ لو جاءَ على نَسَقِهِ لقيل : إذ قلنا ، لأنَّه بعدَ " ولقَدِ اصْطَفَيْناه " وعكسُه في الخروجِ من الغَيْبةِ إلى الخطابِ قولُه :

باتَتْ تَشَكَّى إليَّ النفسُ مُجْهِشَةً *** وقد حَمَلْتُكَ سبعاً بعدَ سَبْعينا

وقوله { لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } فيه من الفخامة ما ليس في قوله " لك " أو " لربّي " ، لأنه إذا اعترف بأنَّه ربُ جميعِ العالمينِ اعتَرَف بأنه ربُّه وزيادةٌ بخلافِ الأول فلذلك عَدَلَ عن العبارَتَيْنِ . وفيه قوله : " أَسْلْمِ " حَذْفُ مفعولٍ تقديرُه : أَسْلِمْ لربِّك .