قوله : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ } : اللامُ متعلقٌ ب " اقترب " . قال الزمخشري : " هذه اللامُ لا تخلُو : إمَّا أَنْ تكونَ صلةً لاقترب ، أو تأكيداً لإِضافةِ الحسابِ إليهم كقولك : أَزِفَ للحَيِّ رحيلُهم الأصل : أَزِفَ رحيلُ الحيِّ ، ثم أَزِفَ للحيِّ الرحيلُ ، ثم أزف للحيِّ رحيلُهم ، ونحوه ما أوردَه سيبويه في باب " ما يُثَنَّى فيه المستقِرُّ توكيداً " نحو : " عليك زيدٌ حريصٌ عليك " ، و " فيك زيد راغب فيك " ، ومنه قولهم : " لا أبا لك " لأنَّ اللاَم مؤكدةٌ لمعنى الإِضافة . وهذا الوجهُ أغربُ من الأول . قال الشيخ :/ " يعني بقولِه صلةً لاقتربَ أي : متعلقةً به . وأمَّا جَعْلُه اللامَ تأكيداً لإِضافة الحسابِ إليهم مع تقدُّمِ اللامِ ودخولِها على الاسمِ الظاهرِ ، فلا نعلم أحداً يقول ذلك ، وأيضاً فتحتاج إلى ما تتعلَّقُ به . ولا يمكن تعلُّقها ب " حسابُهم " ؛ لأنه مصدرٌ موصولٌ ، لأن قُدِّم معمولُه عليه . وأيضاً فإنَّ التوكيدَ يكونُ متأخراً عن المُؤَكَّد ، وأيضاً فلو أُخِّر في هذا التركيبِ لم يَصِحَّ . وأمَّا تشبيهُه بما أورد سيبويهِ فالفرقُ واضحٌ فإنَّ " عليك " معمولٌ ل " حريصٌ " ، و " عليك " المتأخرةُ تأكيدٌ ، وكذلك " فيك زيدٌ راغبٌ فيك " يتعلَّقُ " فيك " ب " راغبٌ " ، و " فيك " الثانيةُ توكيدٌ . وإنما غَرَّه في ذلك صحةُ تركيبِ حسابِ الناس ، وكذلك " أَزِفَ رحيلُ الحيِّ " فاعتقدَ إذا تقدَّم الظاهرُ مجروراً باللامِ وأُضيف المصدرُ لضميرِه أنَّه من بابِ " فيك زيد راغب فيك " ، فليس مثلَه . وأمَّا " لا أبا لك " فهي مسألةٌ مشكلةٌ ، وفيها خلاف ، ويمكن أن يقال فيها ذلك ؛ لأنَّ اللامَ فيها جاوَرَتِ الإِضافةَ ، ولا يُقاس عليها لشذوذِها وخروجها عن الأقيسةِ " .
قلت : مسألةُ الزمخشري أشبهُ شيءٍ بمسألةِ " لا أبا لَك " ، والمعنى الذي أَوْرده صحيحٌ . وأمَّا كونُها مشكلةً فهو إنما بناها على قولِ الجمهورِ ، والمُشْكِلُ مقررٌ في بابِه ، فلا يَضُرُّنا القياسُ عليه لتقريرِه في مكانِه .
قوله : { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } يجوز أَنْ يكونَ الجارُّ متعلقاً بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ من الضميرِ في " مُعْرِضُون " ، وأن يكون خبراً للضمير ، و " مُعْرِضون " خبر ثانٍ . وقولُ أبي البقاء في هذا الجارِّ " إنه خبرٌ ثانٍ " يعني في العددِ ، وإلاَّ فهو أولٌ في الحقيقة . وقد يقال : لَمَّا كان في تأويلِ المفرد جُعِل المفردُ الصريحُ مقدَّماً في الرتبةِ فهو ثانٍ بهذا الاعتبارِ . وهذه الجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحال من " للناس " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.