الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَقَدۡ أَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ فَمَا ٱسۡتَكَانُواْ لِرَبِّهِمۡ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (76)

قوله : { فَمَا اسْتَكَانُواْ } : قد تقدم قبلَه استكان في آل عمران . وجاء الأولُ ماضياً ، والثاني مضارعاً ولم يَجِيْئا ماضيين ولا مضارعين ، ولا جاء الأول مضارعاً والثاني ماضياً ؛ لإفادةِ الماضي وجودَ الفعلِ وتحقُّقَه وهو بالاستكانةِ أليقُ بخلافِ التضرُّع ، فإنه أخبر عنهم بنفي ذلك في الاستقبالِ . وأمَّا الاستكانةُ فقد تُوْجَدُ منهم . وقال الزمخشري : " فإن قلت : هلاَّ قيل : وما تَضَرَّعوا فما يَسْتَكِيْنون . قلت : لأن المعنى مَحَنَّاهم فما وُجِدَتْ منهم عقيبَ المِحْنَةِ استكانةٌ ، وما من عادةِ هؤلاء أَنْ يَسْتَكينوا ويتضرعوا حتى/ يُفْتَحَ عليهم بابٌ العذابِ الشديد " . قلت : فظاهرُ هذا أنَّ " حتى " غايةٌ لنفيِ الاستكانةِ والتضرُّعِ .