إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ أَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ فَمَا ٱسۡتَكَانُواْ لِرَبِّهِمۡ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (76)

وقولُه تعالى : { وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب } استئنافٌ مسوقٌ للاستشهادِ على مضمونِ الشَّرطيةِ . والمرادُ بالعذابِ ما نالهم يومَ بدرٍ من القتلِ والأسرِ وما أصابَهم من فنونِ العذابِ التي من جملتها القَحْطُ المذكور . واللاَّمُ جوابُ قسمٍ محذوفٍ أي وبالله لقد أخذناهُم بالعذابِ { فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ } بذلك أي لم يخضعوا ولم يتذلَّلوا على أنَّه إمَّا استفعالٌ من الكَوْنِ لأنَّ الخاضع ينتقل من كونٍ إلى كونٍ ، أو افتعالٌ من السُّكونِ قد أُشبعت فتحتُه كمنتزاحٍ في مُنتزحٍ . بل أقاموا على ما كانُوا عليه من العُتوِّ والاستكبارِ . وقوله تعالى : { وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } اعتراضٌ مُقرِّرٌ لمضمون ما قبل ، أي وليس من عادتهم التَّضرعُ إليه تعالى .