{ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى } أي عمل . نظيره قوله سبحانه :
{ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى } [ الليل : 4 ] .
قال ابن عباس : هذه الآية منسوخة ، فأنزل الله بعدها
{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ } [ الطور : 21 ] فادخل الأبناء بصلاح الآباء الجنة ، وقال عكرمة : كان ذلك لقوم إبراهيم وموسى ، فأما هذه الأُمّة فلهم ما سعوا وما سعى غيرهم .
" بخبر سعد حين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لأُمّي إنْ تطوعت عنها ؟ قال : " نعم " " ، وخبر المرأة التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أبي مات ولم يحجّ ، قال : " فحجي عنه " " .
وقال الربيع بن أنس : { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ } يعني الكافر ، فأمّا المؤمن فله ما سعى وما سُعي ، وقيل : ليس للكافر من الخير إلاّ ما عمله فيثاب عليه في دار الدنيا حتى لا يبقى له في الآخرة خير .
ويروى أن عبد الله بن أُبيّ كان أعطى العباس قميصاً ألبسه إياه ، فلمّا مات عبد الله أرسل رسول الله قميصه ليكفّن فيه . فلم تبق له حسنة في الآخرة يثاب عليها .
وسمعت ابن حبيب يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب يقول : سمعت أبي يقول : دعا عبد الله بن طاهر والي خراسان الحسين بن الفضل قال : أشكلت عليّ ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي ، قال : وما هي أيّها الأمير ؟ ، قال : قوله تعالى في وصف ابني آدم
{ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ } [ المائدة : 31 ] وصحّ الخبر بأن «الندم توبة » ، وقوله :
{ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [ الرحمن : 29 ] ، وصحّ الخبر «جف القلم بما هو كائن الى يوم القيامة » ، وقوله تعالى : { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى } فما بال الأضعاف فقال الحسين : يجوز ان لا يكون ندم قابيل توبة له ، ويكون ندم هذه الأُمة توبة لها ، إن الله سبحانه خص هذه الأُمة بخصائص لم يشركهم فيها الأمم .
وفيه قول آخر : وهو أن ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل ، وإنما كان على حمله ، وأما قوله : { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى } يعني عن طريق العدل ، ومجاز الآية : وأنْ ليس للانسان إلاّ ما سعى عدلا ، ( ولى أن أجزيه بواحدة ألفاً فضلاً ) ، وأمّا قوله :
{ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [ الرحمن : 29 ] فإنّها شؤون يعيدها لا شؤون يبديها ، ومجاز الآية سوق المقادير إلى المواقيت . قال : فقام عبد الله بن طاهر وقبّل رأسه وسوّغ خراجه .
قال أبو بكر الوراق : { إِلاَّ مَا سَعَى } أي نوى ، بيانه قوله صلى الله عليه وسلم " يبعث الناس على نيّاتهم " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.