الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكُواْۗ وَمَا جَعَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗاۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ} (107)

وقوله تعالى : { وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ } : مفعولُ المشيئة محذوف أي : لو شاء الله إيمانهم ، وقد تقدَّم أنه لا يُذْكر إلا لغرابته . وقوله : " جَعَلْناك " هي بمعنى صيَّر ، فالكاف مفعول أول و " حفيظاً " هو الثاني ، و " عليهم " متعلق به قُدِّم للاهتمام أو للفواصل . ومفعول " حفيظ " محذوف أي : حفيظاً عليهم أعمالَهم . قال أبو البقاء : " هذا يؤيد قول سيبويه في إعمال فعيل " يعني أنه مثالُ مبالغة ، وللناس في إعماله وإعمال فَعِل خلاف أثبته سيبويه ونفاه غيره ، وكيف يؤيده وليس شيء في اللفظ يَشْهد له ؟

وقوله : { وَمَآ أَنتَ } يجوز أن تكون الحجازية ، فيكون " أنت " اسمها و " بوكيل " خبرها في محل نصب ، ويجوز أن تكون التميميةَ فيكون " أنت " مبتدأ و " بوكيل " خبره في محل رفع ، والباء زائدة على كلا التقديرين ، و " عليهم " متعلِّقٌ بوكيل قُدِّم لِما تقدَّم فيما قبله . وهذه الجملة هي في معنى الجملة قبلها ؛ لأنَّ معنى ما أنت وكيل عليهم هو بمعنى ما جعلناك حفيظاً عليهم أي : رقيباً .