تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكُواْۗ وَمَا جَعَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗاۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ} (107)

الآية : 107 وقوله تعالى : { ولو شاء الله ما أشركوا } قالت المعتزلة : المشيئة ههنا مشيئة قهر وجبر ؛ أي لو شاء الله لأعجزهم ، ومنعهم عن الشرك على دفع الابتلاء والامتحان .

وأما عند فالمشيئة{[7575]} مشيئة اختيار وطوع{[7576]} على قيام الابتلاء والامتحان . وبعد فإن مشيئة الجبر هي خلقة ، وقد كانوا جميعا غير مشركين بالخلقة ، فلا معنى لتأويلهم الذي تأولوا ، ثم لا يحتمل أن يكون قوله : { ولو شاء الله ما أشركوا } مشيئة قهر وقسر لأنه لا يكون في حال الجبر والقهر إيمان ولا كفر ، إنما يكون ذلك في حال الاختيار والطوع ؛ لأن الجبر والقهر يمنع من أن يكون له فعل حقيقة ، بل يتحول{[7577]} الفعل منه ، ويسقط ، ويثبت للذي جبر ، وقهر ، وذلك{[7578]} بعيد ، فدل أنه ما ذكرنا ، وبالله الرشاد .

وفي قوله تعالى : { وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل } دلالة أن طريق الإسلام الإفضال والإنعام ، ولله أن يخص به من كان أهلا للإفضال والإنعام باللطائف التي عنده ، ويحرم ذلك ، وله أن يجعل بعضهم أهلا لذلك إفضالا منه ، ولا يجعل البعض عدلا منه .

وقوله تعالى : { وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل } أي لم يؤخذ عليك حفظ أعمالهم ، أو [ لا ]{[7579]} تسأل أنت عن صنيعهم ، إنما عليك التبليغ ، وهو كقوله تعالى : { ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء } [ الأنعام : 52 ] وكقوله{[7580]} تعالى : { فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم } [ النور : 54 ] ونحوه . وقيل : الحفيظ والوكيل واحد . وقيل : الوكيل هو الكفيل : وقد ذكرنا في غير موضع في ما تقدم .


[7575]:- في الأصل وم: المشيئة.
[7576]:- في الأصل وم: والطوع.
[7577]:- في الأصل وم: تحول.
[7578]:- في الأصل وم: فذلك.
[7579]:- من م، ساقطة من الأصل.
[7580]:- الواو ساقطة من الأصل وم.