الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (159)

وقرأ الأخوان : { فَارَقُوا } : من المفارقة وفيها وجهان أحدهما : أن فاعَلَ بمعنى فَعَّل نحو : ضاعَفْتُ الحساب وضعَّفْتُه . وقيل : هي من المفارقة ، وهي التركُ والتخلِيَةُ ومَنْ فرَّق دينه فآمن ببعض وكفر ببعض فقد فارق الدين القيم . وقرأ الباقون فرَّقوا بالتشديد . وقرأ الأعمش وأبو صالح وإبراهيم فَرَقوا مخفف الراء . قال أبو البقاء : " وهو بمعنى المشدد ، ويجوز أن يكون بمعنى فَصَلُوه عن الدين الحق " وقد تقدم معنى الشيع .

وقوله : { لَسْتَ مِنْهُمْ } في محل رفع خبراً لإِنَّ ، و " منهم " هو خبر " ليس " إذ به تتمُّ الفائدة كقول النابغة :

إذا حاولْتَ في أسد فُجورا *** فإني لستُ منك ولست مني

ونظيره في الإِثبات : { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } [ إبراهيم : 36 ] ، وعلى هذا فيكون " في شيء " متعلقاً بالاستقرار الذي تعلق به منهم أي : لست مستقراً منهم في شيء أي : مِنْ تفريقهم . ويجوز أن يكون " في شيء " الخبر و " منهم " حال مقدمة عليه ، وذلك على حذف مضاف أي : لست في شيء كائن من تفريقهم ، فلمَّا قُدِّمت الصفة نصبت حالاً .