الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} (1)

قوله : { إِذَا جَآءَكَ } : شرطٌ . قيل : جوابُه قالوا . وقيل : محذوفٌ . و " قالوا " حالٌ ، أي : جاؤوك قائلين كيتَ وكيتَ ، فلا تقبَلْ منهم . وقيل : الجوابُ { اتَّخَذُواْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } وهو بعيدٌ ، و " قالوا " أيضاً حالٌ .

قوله : { قَالُواْ نَشْهَدُ } جرى مَجْرى القسمِ كفعل العِلْم واليقين ، ولذلك تُلُقِّيَتْ بما يُتَلَقَّى به القسمُ في قوله : { إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ } وفي قوله :ولقد عَلِمْتُ لَتَأْتِيَنَّ مَنِيَّتي *** إنَّ المنايا لا تَطيشُ سِهامُها

وقد تقدَّم خلافُ الناسِ في الصدق والكذبِ واستدلالُهم بهذه الآيةِ ، والجوابُ عنها ، أولَ البقرة .

قوله : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ } جملةٌ معترضةٌ بين قوله : { نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ } وبين قولِه : { وَاللَّهُ يَشْهَدُ } لفائدةٍ ، قال الزمخشري : " لو قال : قالوا نشهد إنَّك لرسول الله ، واللَّهُ يَشْهد إنَّهم لكاذبون ، لكان يُوْهِم أنَّ قولَهم هذا كذبٌ ، فوَسَّط بينهما قولَه : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } ليُميط هذا الإِبْهام " .