الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّ عَلَيۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ} (17)

قوله : { وَقُرْآنَهُ } : أي : قراءَتَه ، فهو مصدرٌ مضافٌ للمفعولِ . وأمَّا الفاعلُ فمحذوف . والأصلُ : وقراءَتَك إياه ، والقرآن : مصدرٌ بمعنى القراءة . قال حَسَّان رضي الله عنه :

4415 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** يُقَطِّعُ الليلَ تَسْبيحاً وقُرآناً

وقال ابن عطية : " قال أبو العالية : " إنَّ علينا جَمْعَه وقُرَانَه . فإذا قَرَتَه فاتَّبِعْ قُرانَه " بفتح القافِ والراء والتاءِ ، مِنْ غيرِ همزٍ ولا ألفٍ " . قلت : ولم يَذْكُرْ توجيهاً . فأمَّا توجيهُ قولِه : " جَمْعَه وقُرانَه " ، وقوله : " فاتَّبِعْ قُرانَه " فواضحٌ مِمَّا تقدَّمَ في قراءةِ ابن كثير في البقرة ، وأنه هل هو نَقْلٌ ، أو مِنْ مادةِ قَرَن ، وتحقيقُ القولَيْن مذكورٌ ثَمَّةَ فعليك بالالتفاتِ إليه . وأمَّا قولُه : " بفتحِ القافِ والراءِ والتاء " فيعني في قولِه : " فإذا قَرَتَه " يُشير إلى أنه قُرىء شاذاً هكذا ، وتوجيهُها : أنَّ الأصلَ : " قَرَأْتَه " فعلاً ماضياً مُسْنداً لضمير المخاطبِ أي : فإذا أَرَدْتَ قراءتَه ، ثم أبدلَ الهمزةَ ألفاً لسكونِها بعد فتحةٍ ، ثم حَذَفَ الألفَ تخفيفاً كقولِهم : " ولو تَرَ ما الصبيانَ " أي : ولو تَرَى الصبيانَ و " ما " مزيدة ، فصار اللفظُ " قَرَتَه " كما ترى .