الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَإِذَا بَرِقَ ٱلۡبَصَرُ} (7)

قوله : { بَرِقَ } : قرأ نافِع " بَرَقَ " بفتحِ الراء ، والباقون بالكسرِ فقيل : لغتان في التحيُّرِ والدَّهْشة . وقيل : بَرِقَ بالكسر تَحَيَّر فَزِعاً . قال الزمخشري : " وأصلُه مِنْ بَرِقَ الرجلُ : إذا نَظَر إلى البَرْقِ فَدُهِشَ بَصَرُه " . قال غيرُه : كما يقال : أَسِدَ وبَقِرَ ، إذا رأى أُسْداً وبَقَراً كثيرةً فتحيَّر من ذلك . قال ذو الرمَّة :

ولو أنَّ لُقْمانَ الحكيمَ تَعَر‍َّضَتْ *** لعينَيْهِ مَيٌّ سافِراً كاد يَبْرِقُ

وقال الأعشى :

وكنتُ أَرَى في وجهِ مَيَّةَ لَمْحَةً *** فأَبْرَقُ مغشِيَّاً عليَّ مكانيا

وأنشد الفراء :

فنَفْسَك فانْعَ ولا تَنْعَني *** وداوِ الكُلومَ ولا تَبْرَقِ

وبَرَق بالفتح مِن البريق أي : لَمَعَ من شدةِ شخوصه . وقرأ أبو السَّمَّال " بَلَقَ " باللام . قال أهلُ اللغة إلاَّ الفراء . معناه فَتَحَ . يقال : بَلَقْتُ البابَ وأَبْلَقْتُه أي : فتحتُه وفَرجْتُه . وقال الفراء : " بمعنى أَغْلَقْتُه " . قال ثعلب : " أخطأ الفراءُ في ذلك " ثم يجوز أَنْ يكونَ " بَلَقَ " غيرَ مادةِ بَرَقَ ، ويجوزُ أَنْ يكونَ مادةً واحدةً ، أُبْدِل فيها حرفٌ مِنْ آخرَ ، وقد جاء إبدالُ اللامِ من الراءِ في أحرف ، قالوا : نَثَرَ كِنانته ونَثَلَها . وقالوا : وَجِلَ ووَجِرَ ، فيمكن أن يكونَ هذا منه ، ويؤيِّدُه أَنَّ بَرَقَ قد أتى بمعنى : شَقَّ عيْنيْه وفَتَحَها ، قاله أبو عبيدة . وأنشد :

لَمَّا أتاني مِنْ عُمَيْرٍ راغباً *** أَعْطَيْتُه عِيساً صِهاباً فبرَقْ

أي : ففتح عينيْه ، فهذا مناسِبٌ ل " بَلَقَ " في المعنى " .