قوله : { بَصِيرَةٌ } : يجوزُ فيها أوجهٌ ، أحدُها : أنَّها خبرٌ عن " الإِنسانُ " و " على نفسِه " متعلِّقٌ ب " بَصيرةٌ " والمعنى : بل الإِنسانُ بَصيرةٌ على نفسِه ، وعلى هذا فلأيِّ شيءٍ أُنِّث الخبرُ ؟ وقد اختلف النَّحْويون في ذلك ، فقال بعضهم : الهاءُ فيه للمبالغةِ . وقال الأخفش : " هو كقولِك : فلانٌ عِبْرَةٌ وحُجَّةٌ " . وقيل : المرادُ بالإِنسان الجوارِحُ ، فكأنَّه قال : بل جوارِحُه بصيرة أي : شاهدةٌ . والثاني : أنها مبتدأٌ ، و " على نفسِه " خبرُها . والجملةُ خبرٌ عن " الإِنسانُ " ، وعلى هذا ففيها تأويلاتٌ أحدُها : أنْ يكونَ " بصيرةٌ " صفةً لمحذوفٍ أي : عينٌ بصيرةٌ ، قاله الفراء . وأنشد :
كأن على ذي العقْل عَيْناً بَصيرةً *** بمَقْعَدِه أو مَنْظَرٍ هو ناظرُهْ
يُحاذِرُ حتى يَحْسَبَ الناسَ كلَّهمْ *** من الخوف لا تَخْفَى عليهمْ سرائِرُهْ
الثاني : أنَّ المعنى : جوارح بَصيرة . الثالث : أنَّ المعنى : ملائكةٌ بصيرة ، والتاءُ على هذا للتأنيثِ . وقال الزمخشري : " بَصيرة : حُجَّةٌ بَيِّنة ، وُصِفَتْ بالبِصارة على المجازِ كما وُصِفَتْ الآياتُ بالإِبصار في قولِه : { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً } [ النمل : 13 ] . قلت : هذا إذا لم تَجْعَلِ الحُجَّة عبارةً عن الإِنسانِ ، أو تَجْعَلْ دخولَ التاء للمبالغةِ . أمَّا إذا كانَتْ للمبالغةِ فنسبةُ الإِبصارِ إليها حقيقةٌ . الثالث من الأوجه السابقة : أَنْ يكونَ الخبرُ الجارَّ والمجرورَ ، و " بصيرةٌ " فاعلٌ به ، وهو أرجحُ مِمَّا قبلَه لأنَّ الأصلَ في الإِخبارِ الإِفرادُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.