الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ} (17)

قوله : { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ } : العامَّةُ على رَفْعِ العينِ استئنافاً أي : ثم نحن نُتْبِعُهم ، كذا قَدَّره أبو البقاء . وقال : " وليس بمعطوفٍ ؛ لأنَّ العَطْفَ يوجِبُ أَنْ يكونَ المعنى : أَهْلَكْنا الأوَّلِيْن ، ثم أَتْبَعْناهم الآخِرين في الهلاكِ . وليس كذلكَ ؛ لأنَّ هلاكَ الآخرين لم يَقَعْ بعدُ " . قلت : ولا حاجةَ في وجهِ الاستئنافِ إلى تقديرِ مبتدأ قبلَ الفعل ، بل يُجْعَلُ الفعلُ معطوفاً على مجموع الجملةِ من قولِه : " ألم نُهْلِك " ويَدُّلُّ على هذا الاستئنافِ قراءةُ عبدِ الله " ثم سَنُتْبِعُهم " بسينِ التنفيسِ . وقرأ الأعرجُ والعباسُ عن أبي عمروٍ بتكسيِنها . وفيها وجهان ، أحدُهما : أنه تسكينٌ للمرفوعِ فهو مستأنف كالمرفوعِ لفظاً . والثاني : أنَّه معطوفٌ على مجزومٍ . والمَعْنِيُّ بالآخِرين حينئذٍ قومُ شُعَيْبٍ ولوطٍ وموسى ، وبالأوَّلِيْنَ قومُ نوحٍ وعادٍ وثمودَ .