اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ} (17)

قوله : { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخرين } .

العامة : على رفع العين استئنافاً أي : ثم نحن نتبعهم ، كذا قدره أبو البقاء .

وقال : «وليس بمعطوف ، لأن العطف يوجب أن يكون المعنى : أهلكنا الأولين ، ثمَّ أتبعناهم الآخرين في الهلاك ، وليس كذلك ؛ لأن هلاك الآخرين لم يقع بعد » .

قال شهاب الدين{[59032]} : ولا حاجة في وجه الاستئناف إلى تقدير مبتدأ قبل الفعل ، بل يجعل الفعل معطوفاً على مجموع الجملة من قوله : «ألَمْ نُهْلكِ » ، ويدل على هذا الاستئناف قراءة{[59033]} عبد الله : «ثم سَنُتْبِعهُم الآخرين » بسين التنفيس ، وقرأ الأعرج{[59034]} والعباس عن أبي عمرو : بتسكينها ، وفيها وجهان :

أحدهما : أنه تسكين للمرفوع ، فهو مستأنف كالمرفوع لفظاً .

والثاني : أنه معطوف على مجزوم ، والمعني بالآخرين حينئذ قوم شعيب ولوط وموسى ، وبالأولين قوم نوح وعاد وثمود .

قال ابن الخطيب{[59035]} : وهذا القول ضعيف ؛ لأن قوله تعالى : { نُتْبِعُهُمُ } مضارع ، وهو للحال والاستقبال ، ولا يتناول الماضي ، وإنما المراد بالأولين : جميع الكفار الذين كانوا في عهد محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله : { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخرين } على الاستئناف ، أي : سنفعل ذلك ، ونتبع الأول الآخر ، ويدل على الاستئناف قراءة عبد الله في نتبعهم تدل على الاشتراك ، وحينئذ يكون المراد به الماضي لا المستقبل .

قلنا : لو كان المراد هو الماضي لوقع التنافي بين القراءتين ، وهو غير جائز ، فعلمنا أن تسكين العين ليس للجزم ، بل للتخفيف .


[59032]:الدر المصون 6/456.
[59033]:ينظر: الكشاف 4/679، والمحرر الوجيز 5/418، والبحر المحيط 8/397.
[59034]:ينظر : السببعة 666، والحجة 6/364، والبحر المحيط 8/397.
[59035]:ينظر : الفخر الرازي: 30/239.