قوله تعالى : { أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ } : " أُذُن " خبر مبتدأ محذوف ، أي : قل هو أُذُنُ خيرٍ . والجمهور على جرِّ " خيرٍ " بالإِضافة . وقرأ الحسن ومجاهد وزيد بن علي وأبو بكر عن عاصم " أُذنٌ " بالتنوين ، " خيرٌ " بالرفع وفيها وجهان ، أحدهما : أنها وصف ل " أُذُن " . والثاني : أن يكون خبراً بعد خبر . و " خير " يجوز أن تكون وصفاً من غير تفضيل ، أي : أُذُنُ ذو خيرٍ لكم ، ويجوز أن تكونَ للتفضيل على بابها ، أي : أكثر خير لكم . وجوَّز صاحب " اللوامح " أن يكونَ " أذن " مبتدأ و " خير " خبرها ، وجاز الابتداءُ هنا بالنكرة لأنها موصوفةٌ تقديراً ، أي : أذنٌ لا يؤاخذكم خير لكم مِنْ أُذُنٍ يؤاخذكم .
ويقال : رَجُلٌ أُذُنٌ ، أي : يسمع كل ما يقال . وفيه تأويلان أحدهما : أنه سُمِّي بالجارحة لأنها آلة السماع ، وهي معظم ما يُقْصد منه كقولهم للربيئة : عين . وقيل : المرادُ بالأذن هنا الجارحة ، وحينئذٍ تكونُ على حَذْف مضاف ، أي : ذو أذن . والثاني : أن الأذن وصفٌ على فُعُل كأُنُف وشُلل ، يقال : أَذِن يَأْذَن فهو أُذُن ، قال :
2506 وقد صِرْتَ أُذْناً للوُشاة سَميعةً *** ينالُون مِنْ عِرْضي ولو شئتَ ما نالوا
قوله : { وَرَحْمَةٌ } ، قرأ الجمهور : " ورحمة " ، رفعاً نسقاً على " أذن ورحمة " ، فيمن رفع " رحمة " . وقال بعضهم : هو عطف على " يؤمن " ؛ لأن يؤمن " في محل رفع صفة ل " أذن " تقديره : أذن مؤمنٌ ورحمةٌ . وقرأ حمزةُ والأعمش : " ورحمة " بالجر نسقاً على " خير " المخفوض بإضافة " أذن " إليه . والجملة على هذه القراءة معترضةٌ بين المتعاطفين تقديره : أذن خير ورحمة . وقرأ ابن أبي عبلة : " ورحمةً نصباً على أنه مفعول من أجله ، والمعلل محذوف ، أي : يَأْذَنُ لكم رحمةً بكم ، فحذف لدلالة قوله : { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ } .
والباءُ واللام في " يؤمن بالله " " ويؤمن للمؤمنين " مُعَدِّيتان قد تقدَّم الكلامُ عليهما في أول هذه الموضوع . وقال الزمخشري : " قصد التصديقَ بالله الذي هو نقيض الكفر فعدَّى بالباء ، وقصد الاستماعَ للمؤمنين ، وأن يُسَلِّم لهم ما يقولون فعدَّى باللام ، ألا ترى إلى قوله : { وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } [ يوسف : 17 ] . ما أنباه عن الباء ، ونحوه : { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَى } [ يونس : 83 ] { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ } [ الشعراء : 111 ]
{ آمَنتُمْ لَهُ } [ الشعراء : 49 ] . وقال ابن قتيبة : " هما زائدتان ، والمعنى : يصدِّق الله ويصدِّق المؤمنين " وهذا قولٌ مردودٌ ، ويدلُّ على عدم الزيادة تغايرُ الحرف الزائد ، فلو لم يُقْصَدْ معنىً مستقلٌ لَمَا غاير بين الحرفين وقال المبرد : " هي متعلقةٌ بمصدرٍ مقدر من الفعل كأنه قال : وإيمانه للمؤمنين " . وقيل : يقال : آمنتُ لك بمعنى صَدَّقْتُكَ ، ومنه { وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا } وعندي أن هذه اللامَ في ضمنها " ما " فالمعنى : ويصدِّق للمؤمنين بما يُخبرونه به . وقال أبو البقاء : " واللام في للمؤمنين زائدةٌ دَخَلَتْ لتفرِّقَ بين " يؤمن " بمعنى يُصَدِّق ، وبين يؤمن بمعنى يثبت الإِيمان " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.