الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ} (65)

قوله تعالى : { أَبِاللَّهِ } : متعلقٌ بقوله : " تستهزئون " و " تستهزئون " خبرُ كان . وفيه دليلٌ على تقديم خبر كان عليها ، لأنَّ تقديمَ المعمول يُؤْذِن بتقديم العامل ، وقد تقدم معمول الخبر على " كان " فَلْيَجُزْ تقديمُه بطريق الأولى . وفيه بحث : وذلك أن ابنَ مالك قَدَح في هذا الدليلِ بقوله تعالى :

{ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } [ الضحى : 9-10 ] قال : " فاليتيم والسائل قد تَقَدَّما على " لا " الناهية والعاملُ فيهما ما بعدها ، ولا يجوز تقديم ما بعد " لا " الناهية عليها لكونه مجزوماً بها ، فقد تقدَّم المعمولُ حيث لا يتقدَّم العامل . ذكر ذلك عند استدلالهم على جواز تقديم خبر ليس بقوله : { أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ } [ هود : 8 ] .

والاعتذار : التنصُّل مِنَ الذنب وأصله مِنْ تعذَّرت المنازل أي : دُرِسَت وامَّحى أثرها ، قال ابن أحمر :

2512 قد كنتَ تعرف آياتٍ فقد جعلَتْ *** أطلالُ إلفِك بالوَعْساء تعتذِرُ

فالمعتذر يزاول محو ذنبه . وقيل : أصله من العَذْر وهو القطع ، ومنه العُذْرة لأنها تُقْطع بالافتراع . قال ابن الأعرابي : " يقولون : اعتذرت [ المياه أي : انقطعت ، وكأن المعتذر يحاول ] قطع الذمّ عنه .