الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَحۡذَرُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيۡهِمۡ سُورَةٞ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلِ ٱسۡتَهۡزِءُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخۡرِجٞ مَّا تَحۡذَرُونَ} (64)

قوله تعالى : { أَن تُنَزَّلَ } : مفعولٌ به ناصبُه يحذر ، فإن " يَحْذَر " متعدٍّ بنفسِه لقوله تعالى : { وَيُحَذِّرْكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ } [ آل عمران : 30 ] لولا أنه متعدٍّ في الأصل لواحدٍ لَما اكتسب التضعيف مفعولاً ثانياً ، ويدلُّ عليه أيضاً ما أنشده سيبويه :

2511 حَذِرٌ أُموراً لا تَضيرُ وآمِنٌ *** ما ليسَ مُنْجيَه من الأَقْدارِ

وفي البيت كلامٌ ، قيل : إنه مصنوع ، وهو فاسد أتقنت حكايته في " شرح التسهيل " وقال المبرد : " إنَّ " حَذِر لا يتعدى " قال : لأنه من هَيْئات النفسِ كفَزِع ، وهذا غير لازم فإنَّ لنا من هيئات النفس ما هو متعدٍ كخاف وخشِي فإنَّ " تُنَزَّل " عند المبرد على إسقاط الخافض أي : مِنْ أَنْ تُنَزَّل . وقوله " تُنَبِّئهم " في موضع الرفع صفةً ل " سورة " .