لما ذكر تعالى ما جرى لفرعون وأتباعه من الهلاك ، ذكر ما أحسن به لبني إسرائيل وما امتن به عليهم ، إذ كان بنو إسرائيل قد أخرجوا من مساكنهم خائفين من فرعون ، فذكر تعالى أنه اختار لهم من الأماكن أحسنها .
والظاهر أنّ بني إسرائيل هم الذين كانوا آمنوا بموسى ونجوا من الغرق ، وسياق الآيات يشهد لهم .
وقيل : هم الذين كانوا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل قريظة والنضير وبني قينقاع ، وانتصب مبوأ صدق على أنه مفعول ثان لبوأنا كقوله : { لنبوئنهم من الجنة غرفاً } وقيل : يجوز أن يكون مصدراً .
ومعنى صدق أي : فضل وكرامة ومنة { في مقعد صدق } وقيل : مكان صدق الوعد ، وكان وعدهم فصدقهم وعده .
وقيل : صدق تصدّق به عليهم ، لأن الصدقة والبر من الصدق .
وقيل : صدق فيه ظن قاصده وساكنه .
وقيل : منزلاً صالحاً مرضياً ، وعن ابن عباس : هو الأردن وفلسطين .
وقال الضحاك وابن زيد ، وقتادة : الشام وبيت المقدس .
وعن الضحاك أيضاً : مصر ، وعنه أيضاً : مصر والشام .
قال ابن عطية : والأصح أنه الشام وبيت المقدس بحسب ما حفظ من أنهم لم يعودوا إلى مصر ، على أنه في القرآن كذلك .
{ وأورثناها بني إسرائيل } يعني ما ترك القبط من جنات وعيون وغير ذلك .
وقد يحتمل أن يكون وأورثناها معناها الحالة من النعمة وإن لم تكن في قطر واحد انتهى .
وقيل : ما بين المدينة والشام من أرض يثرب ذكره علي بن أحمد النيسابوري ، وهذا على قول من قال : إن بني إسرائيل هم الذين بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم .
ولما ذكر أنه بوّأهم مبوّأ صدق ذكر امتنانه عليهم بما رزقهم من الطيبات وهي : المآكل المستلذات ، أو الحلال ، فما اختلفوا أي : كانوا على ملة واحدة وطريقة واحدة مع موسى عليه السلام في أول حاله ، حتى جاءهم العلم أي : علم التوراة فاختلفوا ، وهذا ذم لهم .
أي أن سبب الإيقاف هو العلم ، فصار عندهم سبب الاختلاف ، فتشعبوا شعباً بعدما قرؤوا التوراة .
وقيل : العلم بمعنى المعلوم ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن رسالته كانت معلومة عندهم مكتوبة في التوراة ، وكانوا يستفتحون به أي : يستنصرون ، وكانوا قبل مجيئه إلى المدينة مجمعين على نبوّته يستنصرون به في الحروب يقولون : اللهم بحرمة النبي المبعوث في آخر الزمان انصرنا فينصرون ، فلما جاء قالوا : النبي الموعود به من ولد يعقوب ، وهذا من ولد إسماعيل ، فليس هو ذاك ، فآمن به بعضهم كعبد الله بن سلام وأصحابه .
وقيل : العلم القرآن ، واختلافهم قول بعضهم هو من كلام محمد ، وقول بعضهم من كلام الله وليس لنا إنما هو للعرب .
وصدق به قوم فآمنوا ، وهذا الاختلاف لا يمكن زواله في الدنيا ، وأنه تعالى يقضي فيه في الآخرة فيميز المحق من المبطل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.