تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ بَوَّأۡنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ مُبَوَّأَ صِدۡقٖ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ فَمَا ٱخۡتَلَفُواْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (93)

وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ) قال عامة أهل التأويل : بوأنا : أنزلنا بني إسرائيل منزل صدق . وقال بعضهم : بوأنا : هيأنا لبني إسرائيل ( مبوأ صدق ) مهيأ صدق حسنا كقوله : ( وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين )الآية[ آل عمران : 121 ] أي تهيء للمؤمنين . وقال بعضهم : قوله : ( وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ) أي مكناهم تمكين صدق ، وهو كقوله : ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) ( ونمكن لهم في الأرض )الآية[ القصص : 5و6 ] يحتمل ما ذكر من التبوئة التمكن الذي ذكر في هذه الآية .

وقوله تعالى : ( وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ ) قال بعضهم : منزل صدق أي كريم ، وقال : منزل صدق أي حسن ويحتمل وجهين آخرين .

أحدهما : أنه وعد لهم أن يمكن لهم في الأرض ، فأنجز ذلك الوعد فهو مبوأ صدق أي ممكن[ في الأصل وم : تمكين ] صدق حين[ في الأصل وم : حيث ] أنجز ذلك الوعد ، وصدق الوعد ما ذكر ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون ) الآية[ الأعراف : 137 ] .

والثاني : ( مبوأ صدق ) أي مبوأ أهل صدق لأن الشام كان لم يزل منزل أهل صدق ، وعلى هذا يخرج قوله : ( وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق )الآية[ الإسراء : 80 ] أي أخرجني مخرج أهل صدق ، وأدخلني مدخل أهل صدق ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ ) قال أهل التأويل : يعني المن والسلوى ، ولكن الطيبات التي طابت بها الأنفس مما حل بالشرع مما لا تبعة على أربابها مما لم يعص فيها .

وقوله تعالى : ( فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْمُ ) أي فما اختلفوا في الدين إلا من بعد ما جاءهم العلم أنه حق ، وقيل : فما اختلفوا في محمد في أنه رسول الله إلا من بعد جاءهم العلم أنه رسول الله ، وقيل : فما اختلفوا في القرآن والآيات التي أنزلها على رسوله إلا من بعد ما جاءهم العلم أنه منزل من عند الله . ويحتمل قوله : ( فما اختلفوا ) في موسى أنه رسول الله .

وقوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) الآية ظاهرة من الوجوه التي ذكرت[ في الأصل وم : ذكر ] .

وقوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ ) يحتمل وجهين :

أحدهما : الجزاء والثواب ، والثاني : في تبيين المحق والمبطل .